إن كانوا كما هم ، ويرثونه عن اهل النار إذ كان لكلّ منها نصيب حرموا أنفسهم منه.
فكما وراثة الأرض للمؤمنين في الدولة الحقة لم تكن الا احتلالهم في السلطة عليها عنهم وهو حقهم بما عملوا ، كذلك الجنة وأحرى : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣ : ٧٢) وهذا لأهل الجنة كلهم ، ولأهل الفردوس ميراثان ، عمن دونهم من المؤمنين ، وعن الكافرين ، حيث قدّر لكلّ نصيب لو عملوا كما عمل هؤلاء ، وكذلك منازل النار «فيورث هؤلاء منازل هؤلاء ويورث هؤلاء منازل هؤلاء» (١).
هذا وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما منكم من احد الا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله: (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ)(٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٦ ـ اخرج سعيد بن منصور وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ... أقول وقد مضى حديث حارثة انه أصاب الفردوس.
(٢) وفي نور الثقلين ٣ : ٥٢١ عن تفسير القمي حدثني أبي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما خلق الله خلقا الا جعل له في الجنة منزلا وفي النار منزلا فإذا اسكن اهل الجنة الجنة واهل النار النار نادى مناد : يا اهل الجنة أشرفوا فيشرفون على اهل النار وترفع لهم منازلهم فيها ثم يقال لهم : هذه منازلكم التي في النار لو عصيتم الله لدخلتموها ، قال : فلو ان أحدا مات فرحا لمات اهل الجنة في ذلك اليوم فرحا لما صرف عنهم العذاب ثم ينادي مناد : يا اهل النار ارفعوا رؤسكم فيرفعون رؤسهم فينظرون الى منازلهم في الجنة وما فيها من النعيم فيقال لهم هذه منازلكم التي لو أطعتم ربكم لدخلتموها قال : فلو ان أحدا مات حزنا لمات أهل النار حزنا فيورث هؤلاء منازل هؤلاء ويورث هؤلاء منازل هؤلاء وذلك قول الله (أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ).