وعلّ تخصيص (نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ) بالذكر بين (فَواكِهُ كَثِيرَةٌ) لأنهما طعام وإدام وفاكهة رطبا ويابسا دون سائر الفاكهة ، وان منافعها تحلّق على سائر المنافع كما :
(وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) ٢٠.
وهي الزيتونة وعلّها في أصلها خارجة من طور سيناء ثم انتشرت في غيره ، ام هي فيه أطيب من غيره ، ام اكثر وأوفر ، والقصد (مِنْ طُورِ سَيْناءَ) المحيط الشرق الأوسطي الأقرب الى الطور فالأقرب ، ومن ميزاتها بين سائر الشجر انها (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) وعلّ الباء هنا سببية فهي تنبت بسبب الدهن ، حيث الأصل النابت عليه هو الحصى التي تحمل الدهن ، وكذلك هي تعدية تنبت دهنا ، ام ومعية ، وبالدهن حال ل «تنبت» فهي تنبت مع الدهن ، وهذه هي الشجرة الوحيدة بين الشجر حيث تنبت بالدهن ، وكذلك (صِبْغٍ لِلْآكِلِينَ) يصبغون به خبزهم وطعامهم فتصبح سابغة طيبة الطعام ، سريعة الهضم ، كما وتصبغ أمعاءهم.
فالزيتونة هي ضوء وإدام وطعام وشفاء من داء ، فهي منقطعة النظير بين سائر الشجر ولقد جاءت الرواية عن خير البشر : «الزيت شجرة مباركة فائتدموا منه وادهنوا»(١).
(وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ٢١ وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ) ٢٢.
هنا (مِمَّا فِي بُطُونِها) وفي النحل (مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ) (٦٦) ولقد فصلنا القول فيه فيها فلا نعيد.
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٤٣ ، في المجمع في الآية وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...