هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ) ٣٦.
(إِذا مِتُّمْ) زوالا للحياة (وَكُنْتُمْ تُراباً ...) زوالا للأجساد (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) من اجداثكم بأرواحكم وأجسادكم ، فيا له مراما ما أبعده (هَيْهاتَ هَيْهاتَ) بعيدا بعيدا لحد الاستحالة (لِما تُوعَدُونَ) : (أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) وهم بهذه الحجب الثلاث عن واقع المرام وعن الحق المرام ، هم مرتكسون ركسة الحيونة الرذيلة ، منتكسون إليها عن كل فضيلة ، وقد هدرت ميزات الانسانية فيهم ف (أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ)!
ثم هم بعد هذه الدعاية والدعوى يحصرون الحياة في حياتهم الدنيا ليست الا :
(إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) ٣٧.
ذلك وكما قال نظرائهم : (إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (٦ : ٢٩) (وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) (٤٥ : ٢٤)
وعلّ الآخرين ـ فقط ـ هم دهريون كما قد تشهد ما قبلها : (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ..).
وتراهم حين يحصرون حياتهم في الحياة الدنيا ، كيف يقدّمون «نموت» على «نحيى» والحياة بعد الموت هي الحياة الأخرى ، تناقضا صارحا صارخا ينقض دعواهم الاولى؟.
قد تعني «نموت» جماعة مثلنا نحن الأحياء ثم لا نبعث «ونحيا» جماعة اخرى لمّا يحيوا ، وهم ـ كما نحن ـ يموتون ثم لا يبعثون ، ويجمع عدم بعثهم احياء وأمواتا (وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) سواء الأحياء الحاضرون الذين