ويغلّظ المشاعر ، ويغلّط الشعور ، ويسد المنافذ وتفقد القلوب حساسيتها المرهفة ، فالمترفون كالعفن يفسدون الجو الذي فيه يعيشون ، ولا سيما إذا كانوا كافرين بالله ويوم لقاء الله.
ثم هم يمحورون المماثلة في البشرية لإبطال الطاعة وهم يطيع بعضهم بعضا والمماثلة نفس المماثلة ، لأنهم يمحورون فضل المادة والترف أصلا أصيلا وحيدا في التفضيل :
(وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ) ٣٤.
حيث المماثل يجعل من طاعته لمماثله ترجيحا بلا مرجح ، لأن الرجحان عندهم هو فقط في ميزات الحيوان ، متغافلين عن انسانية الإنسان.
وترى إذا كانت طاعة المماثل في البشرية خسارا ، فلما ذا هم أنفسهم يحمّلون طاعتهم على من دونهم؟ ألأنهم ـ فقط ـ بشر وسواهم حيوان؟ أم هم مناقضون في قيلاتهم الويلات ، وذلك هو الملاحظ فيها عند كل حماقى الطغيان ، ثم وهم بأتباعهم يعبدون أحجارا واخشابا واين الجماد من الإنسان؟
ومنهم من هم يحتجون على نكران رسالة البشر انهم وإياهم في اصل البشرية سواء وفي فضلها المادي لا سواء (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (٤٣ : ٣١) وهؤلاء اقل من أولاء خطأ مهما هم كلهم مخطئون.
ذلك! ومن ثم يحاولون إحالة رسالة هذا الرسول البشر لدعواه البعيدة عندهم كحجة اخرى على دحضه بمحضه :
(أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ٣٥ هَيْهاتَ