انشاءهم بعد قوم نوح ، وإرسال رسول فيهم بعد نوح ، برهان قاطع لا مرد له انهم عاد قوم هود فإنهم كانوا بعد قوم نوح وكما خوطبوا (وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ) (٧ : ٦٩) كما وجاءت قصة عاد تلو قصة نوح في سورة الأعراف وهود والشعراء وهم يذكرون قبل ثمود فيما تجمعهما من آيات ، إذا فهم (قَرْناً آخَرِينَ) مهما كان منهم مؤمنون :
(فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ) ٣٢.
وصيغة الدعوة نفس الصيغة السابقة السابغة ، حيث الرسالة واحدة وامم الرسل هم امة واحدة في هذه الدعوة التوحيدية ، وكما المعارضة ضد الدعوة نفس المعارضة ، سلسلة موصولة طول تاريخ الرسالات رسلا ومرسلا إليهم :
(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) ٣٣.
(وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ) وهم في ثالوثهم المنحوس (الَّذِينَ كَفَرُوا ـ وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ ـ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) قالوا قيلتهم في نكران الأصل الثالث : الوحي والرسالة : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فانه (يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ) آخذين المماثلة في حيونة البشرية وحاجياتها المادية دليل المماثلة المطلقة بين بشر وبشر ، متغافلين متجاهلين عن رحمات روحية وان الله يمن على من يشاء من عباده ، فمقياسهم الاول والأخير هو المادة والمادة فقط (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ) (٤٧ : ١٢)
والإتراف ـ وهو التوسيع في النعم فوق الحاجة ـ انه يحجب الفطرة ،