عابدون! كما وهلاك التكذيب نفس الهلاك مهما اختلفا امهالا واملالا ، وصورة ومثالا.
وقد يعنون ب (وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) ان لنا الفضل عليهما كما عليهم فليعبدانا كما هم إيانا يعبدون ، وقد تعني العبادة الخضوع الطليق. وهذه معاكسة مرتكسة امام الدعوة الموسوية.
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) ٤٩.
«لعلهم» فرعون وملؤه وبني إسرائيل وسواهم من المكلفين «يهتدون» على هديه وهو اوّل كتاب رسالي يحمل شرعة مفصلة رئيسية ومن ثم القرآن العظيم إلى يوم الدين.
(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) (٥٠).
ولماذا (ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) وهما اثنان ، وكل ـ إذا ـ آية؟ حيث القصد من «آية» هنا هي الآية الخارقة الرسالية ، وهما معا يشكّلان آية الولادة دون أب.
«وآويناهما» إسكانا مطمئنا في مأوى مريح «الى ربوة» مكان مرتفع راب من الأرض ، هي (ذاتِ قَرارٍ) لعيشة راضية دون اضطراب «ومعين» ماء جار.
وقد عبر عن هذه الربوة في «مريم» ب «سريا» : (فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ .. فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا. وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ..)(٣٦)
وقد تعني ربوة القدس الشريف ، وهو ربوة بعد ربوة ، قد تعنيهما معا