وهكذا يكون المؤمن الصالح ، وجل القلب انه راجع إلى ربه ، وافدا اليه من غير زاد مهما زاد فيما أتى من طاعة ربه ، وليس يعني وجلهم انهم في شك من الثواب على ما آتوا ، بل هم بين خوف من تقصيرهم ورجاء لرحمة ربهم دون ان يروا استقلالا لاعمالهم في الثواب ، بل يستقلونها لاستحقاق الثواب.
و «لو ان العباد وصفوا الحق وعملوا به ولم تعقد قلوبهم على انه الحق ما انتفعوا به» (١) ولا ينافيه وجل قلوبهم استصغارا لاعمالهم وعدم بلوغ تقواهم حق التقاة ، ف «ان المؤمن يعمل بين مخافتين بين اجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه وبين اجل قد بقي لا يدري ما الله عز وجل قاض فيه» (٢).
اجل وان قلبا يستشعر يد الله عليه وعين الله ترعاه ، ويحس آلاءه التي لا تحصى في كل نبضة فيستصغر ويستقل كل ما آتاه تعبدا لربه وأعطاه لخلقه في سبيله ، شاعرا بالهيبة المحلّقة على كيانه ككل ، مشفقا ان يلقى الله وهو مقصر ـ وقطعا هو قاصر ـ في حقه :
(أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) ٦١.
يصارعون الشرور والأشرار ويسارعون في الخيرات مع الأخيار ، قضية تلك اليقظة والتطلّع الدائب ، وعجلة سيرهم إلى ذلك المصير هي عدم اشراكهم بالله وايمانهم بآيات الله ، وخشيتهم وإشفاقهم من الله وإيتائهم ما آتوا وجلة قلوبهم في سبيل الله ، فبطبيعة الحال (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٤٦ في محاسن البرقي عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ...
(٢) المصدر في الكافي عن حمزة بن حمران قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : ان مما حفظ من خطب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال : ...