أصواتكم وقولوا : يا علي بن الحسين (عليه السلام) ربك قد أحصى عليك ما عملت كما أحصيت علينا ولديه كتاب ينطق بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها فاذكر ذل مقامك بين يدي ربك الذي لا يظلم مثقال ذرة وكفى بالله شهيدا ، فاعف واصفح يعف عنك المليك ..» (١).
فليس نكرانهم لأنهم كلّفوا فوق السعة معرفيا .. وعمليا فهم معذرون :
(بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا وَلَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ هُمْ لَها عامِلُونَ) ٦٣.
هذه صفات المؤمنين وحالاتهم ، وأما المسارعون في خلافها فهم معاكسون لهم تماما (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا) الذي ذكرناه لهؤلاء ، وفي «هذا» القرآن الذي يذكرهم عن غفلتهم فهم غامرون في لجج الجهالة ، خامرون عقولهم بخمر الغفلة «و» الحال ان (لَهُمْ أَعْمالٌ مِنْ دُونِ ذلِكَ) الذي يعمله المؤمنون ، ومن دون ذلك الذي وصفناه لهم ، غمرة هامرة خامرة ليس لهم من دونها شاعرة الا شاغرة ، أولئك هم في غمرة المسارعة في الخيرات ، وأولاء في غمرة الشهوات ، في حيرة تغمرها وغمة تسترها ، حيث الغمرة هي ما وقع الإنسان فيه من امر مذهل ، وخطب موغل ، مشبه بغمرات المياه التي تغمر الواقع فيها وتأخذ بكظم المغمور بها.
هذا ، وقد تعني ضمائر الجمع الثلاث المؤمنين أنفسهم و «بل» إضراب عما ذكرت لهم من صفات تحدد مواقفهم الايمانية (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٥٤٧ في المناقب لابن شهر آشوب في مناقب زين العابدين (عليه السلام) وكان إذا دخل شهر رمضان يكتب على غلمانه ذنوبهم حتى إذا كان آخر ليلة دعاهم ثم اظهر الكتاب وقال : يا فلان فعلت كذا وكذا ولم أؤدبك؟ فيقرون اجمع فيقوم وسطهم ويقول لهم : ارفعوا أصواتكم ...