تستوردها بالسمع والأبصار ظاهرية وباطنية من الآيات الآفاقية ، والشكر على هذه النعم الثلاث هو استعمالها فيما انشأت له من مزيد المعرفة ولكن (قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) عدّة بين الجموع (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) وعدة في هذه القلة حيث لا يشكرونه كلهم كما يحق ويستطيعون ، فالشاكرون تماما هم أقل قليل ، والشاكرون بعضا هم القليل ، والكافرون هم الكثير.
(وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ٧٩.
الذرء هو الإظهار ف (هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ) أظهركم أحياء (فِي الْأَرْضِ) ثم يخفيكم إذ يميتكم ثم (وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).
(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ) ٨٠.
فكما له اختلاف الليل والنهار أن يأتي كلّ خلف الآخر وخلفته وفي كل حكمة بالغة ، كذلك له اختلاف الإحياء والإماتة كلّ يأتي خلف الآخر حسب الحكمة البالغة وهي أحرى واعقل (أَفَلا تَعْقِلُونَ) وما هو الفارق بين الاختلافين الا موادهما؟ فحين نعيش اختلاف الليل والنهار لحكمة معيشية دنيوية فانية ، فهلا نعيش اختلاف الموت والحياة لحكمة معيشية اخروية باقية (أَفَلا تَعْقِلُونَ)!؟
(بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ ٨١ قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ٨٢ لَقَدْ وُعِدْنا نَحْنُ وَآباؤُنا هذا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ٨٣.
انهم لم يؤمنوا بعد هذه الدلائل الباهرة والحجج الظاهرة ولم يقولوا آمنا «بل» قالوا كلمة الكفر ، ولم تكن قولتهم من عند أنفسهم (بَلْ قالُوا مِثْلَ