ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ)(١).
و «ارجعون» هنا حيث تعني الرجوع إلى الحياة الدنيا ، دليل قاطع لا مرد له على الحياة بعد الموت ، وهي المسماة بالحياة البرزخية كما هي تصريحة الآية (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
ولماذا «ارجعون» جمعا والرب واحد كما هو معترف به «رب» مهما مات مشركا ، حيث الموت يكشف كافة الحجب مهما لم ينفع المحجوب يوم الدنيا؟
علّه خطاب لملائكة الموت بعد نداءه الرب : (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) (٨ : ٥٠).
(قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ ..) وقد يخاطب الربّ نفسه : (فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً) (٣٢ : ١٢) (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٥ : ٣٧).
«لعلي» ترجيا لإصلاح ما فات (أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ) من حياة التكليف (صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) فليس (فِيما تَرَكْتُ) فقط الصالحات المتروكة ، حيث الطالحات المفعولة لها دور اخطر ، وخطر اكثر ، ولا تشملها (فِيما تَرَكْتُ).
«صالحا» هو صالح الفعل وصالح الترك بديلا عن الطالح فيهما فيما تركت من حياة التكليف ، وكما تعنيه ـ ايضا ـ «نعمل صالحا غير الذي كنا
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٥ ـ اخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ...