يحزنهم تنكر الأحوال ، ولا يحفلون بالرواجف ولا يأذنون للقواصف ، غيبا لا ينتظرون وشهودا لا يحضرون ، وانما كانوا جميعا فتشتتوا وألافا فافترقوا ، وما عن طول عهدهم ولا بعد محلهم ، عميت اخبارهم وصمت ديارهم ، ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا ، وبالسمع صمما ، وبالحركات سكونا ، فكأنهم في ارتجال الصفة صرعى سبات ، جيران لا يتأنسون وأحباء لا يتزاورون ، بليت بينهم عرى التعارف ، وانقطعت منهم اسباب الإخاء ، فكلهم وحيد وهم جميع ، وبجانب الهجر وهم أخلاء ، لا يتعارفون لليل صباحا ولا لنهار مساء ، اي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا ، شاهدوا من أخطار دارهم أفظع مما خافوا ورأوا من آياتها أعظم مما قدروا ، فكلا الغايتين؟؟؟ أدت لهم إلى مباءة ، فأتت مبالغ الخوف والرجاء ، فلو كانوا ينطقون بها لعيوا بصفة ما شاهدوا وما عاينوا» (١).
وهذه صفتهم في أجسادهم دون أرواحهم بأبدانهم المثالية فإنهم فيها احياء ، «ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا مجتمعين يتحادثون» (٢) ف «ان الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنة تتعارف وتتساءل» (٣).
__________________
(١) المصدر عن نهج البلاغة عن الإمام علي (عليه السلام) ....
(٢) نور الثقلين ٣ : ٥٥٧ عن الكافي بسند متصل عن حبة العرني قال : خرجت مع امير المؤمنين (عليه السلام) الى الظهر فوقف بواد السلام كأنه مخاطب لأقوام فقمت لقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا ثم جلست حتى مللت ثم قمت وجمعت ردائي فقلت يا امير المؤمنين (عليه السلام) اني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي : يا حبة ان هو الا محادثة او مؤانسة قال قلت يا امير المؤمنين وانهم لكذلك؟ قال : نعم ولو كشف ... فقلت؟؟؟ سام ام أرواح فقال أرواح وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض الا قيل لروحه الحقي بوادي السلام وانها لبقعة من جنة عدن.
(٣) المصدر عن الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال ان ـ