الى ربوبيته تعالى.
(فَالَّذِينَ كَفَرُوا) بالحق لما جاءهم كفرا عاندا عامدا مقصرا (قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ) تشتمل عليهم اشتمال الملابس على الأبدان ، حتى لا يسلم منها عضو من أعضائهم ، ولا يغيب عنها شيء من أجسادهم ، وعلّها هي (سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ) إذا لبسوها واشتعلت النار فيها صارت كأنها ثياب من نار لاحاطتها بهم ، واشتمالها عليهم ، ولا فحسب بل (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) مادة حارة حارقة لباسا فوق اللباس ، كدثار فوق الشعار ونار فوق نار ، اضافة إلى ذواتهم النارية حيث (أُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) فهم إذا محشورون في ثالوث النار (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ).
(يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ) ٢١.
والصّهر هي الإذابة ، فذلك الحميم المصبوب من فوق رؤسهم يذيب ما في بطونهم من أمعاء وأحشاء ، ويذيب الجلود نضجا : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها ..)
والمقامع هي المداقّ والعمد ، حيث تضرب على رؤسهم بما يصبّ ، ويصبّ بما تضرب ، جمعا بين جموع العذاب.
ففي هذه الضفة الكافرة ثياب من نار تقطع وتفصل ، وحميم ومقامع تصبّ وتضرب عذابا دائبا لا حول عنه :
(كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) ٢٢.
ارادة للخروج تشرفهم على واقع الخروج ، ثم اعادة فيها قطعا لأمل كأنه واقع عذابا فوق العذاب.