وهل ان تلك التسوية تقتضي ألّا تملك دور مكة المكرمة؟ علّها لا ، إذ يجوز ان تملك على ذلك الشرط ألا يمنع الحجاج من سكنها زمن الحج.
هنا بيت الله ، فلا يعبد فيه الا الله ، وكل عباد الله فيه على سواء ، ومهما اختلفت درجاتهم روحية وزمنية ، فلا ينبغي لأحد ان يختص فيه بكرامة وحرمة زائدة ، اللهم الا بتقوى الله ، ولكنها ايضا ليست لتميز عباد الله في بيت الله بشأن من شؤون عبادة الله مكانا او مكانة او زمانا ام أيا كان ، فان (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ) تحلّق على كافة التسويات من حيث كون المسجد الحرام سبيل الله.
ثم الإلحاد فيه يعم كل ميل عن الحق ، عامة في كل الحقول ، وخاصة في حقل المسجد الحرام بما له من حرمات خاصة ، فيشمل كل عصيان وظلم في مثلثه ، بحق الله او بحقك وبحق الناس.
(وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ) ـ لا فقط ـ من يعمل فيه أو يلحد فيه ـ تجتث عن هذه الساحة المباركة كافة التخلفات عقائدية وعملية وحتى في النية والطوية ولمن لم يصل إلى الحرم رعاية لقداسة الموقف فانه اقدس مقدس في الكون كله بأسره وعن بكرته ، فكما من الإلحاد في المسجد الحرام تهديمه وعوذا بالله ، او الإشراك بالله ، كذلك كل تخلف عن شرعة الله ، حيث يتضاعف في المسجد الحرام وفي الحرم كله ومنه الصيد في الحرم لا سيما حالة الإحرام ، وارتكاب محرمات الإحرام حاله ، ودخوله الحرم بلا إحرام الا لمن استثني ، بل و «احتكار الطعام في الحرم الحاد فيه» (١) وعلى الجملة «كل
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣٥١ ـ اخرج البخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن يعلي بن امية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ... واخرج مثله البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : ...