وعلى الجملة فقضاء التفث هو قضاء الإحرام بالخروج عنه تاما وافيا ، ولزامه بعد ما قضى إلى الذبح ، الحلق او التقصير ، والخروج عن تقصير كان له في إحرامه بفدية وسواها ، ثم طوافي البيت زيارة ونساء ، ثم ومن أكمله تتميم مناسك منى من بيتوتتها ورمياتها.
ولان قضاء التفث ثنّي بطواف البيت ، إذا فهو الإحلال الاول الا عن الطيب حيث يحل بطواف الزيارة ، والنساء حيث يحل بطواف النساء ، وانما عبّر عن الإحلال الاول بقضاء التفث لأنه أهمه ، ام ان قضاء التفث يعم الآخرين ، وذكر الطواف ـ إذا ـ من باب ذكر الخاص بعد العام.
وقد يعرف واجب الترتيب بين هذه المذكورات من ترتيبها في هذه الآيات ، ذبحا ثم حلقا او تقصيرا ثم طوافا ، اللهم إلا للمعذور عن تقديم الذبح كمن نبحث عنهم بعد.
(وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ).
وترى ما هي النذور التي يؤمر الحاج بإيفائها بين هذه المناسك وقبل ان «يطوفوا (بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)؟ وهي الوحيدة الآمرة بايفاء النذور بين آياتها الخمس الذاكرة له دون امر ، اللهم إلا تبجيلا لمن يوفي (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) (٧٦ : ٧).
النذر ـ وهو إيجاب ما لم يجب على نفسك ـ قد ينشأ وافيا ، ثم ليوف تطبيقا ، وعلّ الإيفاء هنا يشملهما ، فما فرض الحاج على نفسه بتقصير في إحرام ، ام فرضه على نفسه دون تقصير وبدون تحديد لوقف الإيفاء ، فليوفه تطبيقا هنا وقد تخلص عن حصر الإحرام ، ولكي يتخلص عن سائر الحصر فيصبح طليقا من الأخفّاء حتى يطوف دون أثقال بالبيت العتيق ، وذلك آخر المطاف في تخلّصه عن حصر المحرمات الخاصة بالإحرام.