بالشرك ، دركات بدركات مما يجعله تلو الشرك ، وهو في الحق إشراك للكذب بالصدق حيث يزوّر بظاهرة الصدق.
ذلك ـ والزور أيا كان : قولا وعلما وعملا واعتقادا ومشهدا محظور (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٢٥ : ٧٢)(فَاجْتَنِبُوا ...)!
(حُنَفاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) ٣١.
ان كل زور حالا ومقالا وأعمالا ، ناشئ من الإشراك بالله مهما كان شركا خفيا ، إذا (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) حال انكم (حُنَفاءَ لِلَّهِ) مائلين عما سوى الله (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) كلّ من سواه وما سواه ، في أية دركة من دركاته جلية وخفية ، فانما يريد الله من عباده ان يميلوا عن الشرك كله ، الى التوحيد كله ، وان يجتنبوا قول الزور كله إلى الصدق كله ، استقامة على التوحيد الخالص حالا وقالا وافعالا.
وهنا يرسم النص مشهدا عنيفا مخيفا يصوّر حال من يشرك بالله (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ ..) فإذا هو ذاهب بددا كأن لم يكن من ذي قبل ابدا ، فانه مشهد الهويّ من اعماق السماء إلى اعماق الأجواء الواسعة ، فلا يجد مهبطا إلا مخطف الطير في الطريق (أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) : بعيدا عن الانظار ، في هوّة هاوية ليس لها من قرار (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ).
ذلك هو صورة الهوي من أفق التوحيد السامق الشاهق ، الى درك الشرك الساحق الماحق.
وقد يعني (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) بعد (حُنَفاءَ لِلَّهِ) تعريضا بناس كانوا