هنا لا بد من علم ما يعرف به الحق من الباطل ، ثم وإعماله كما يصح حتى يحصل على الحق المرام ، والعلم المبدئي حاصل لكافة المكلفين ، ثم عليهم حسب درجاتهم ان يدّبرّوا القول ويتفكروا : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها) فلا حجة ـ إذا ـ للأغفال الكفار ما دامت لهم عقول تعقل ، ثم لا حجة على القصر والمجانين.
فالذين أوتوا العلم من اهل الكتاب عندهم علم الوحي الكتابي بحق هذا القرآن اضافة الى سائر العلم فطريا وعقليا ... (١)
والذين أوتوا العلم من سواهم ، بدراسات علمية لمختلف معلومات الكون ، عندهم علم دون الوحي بحق هذا القرآن والذين أوتوا العلمين ، عندهم علم مضاعف ، حيث العلم أيا كان هو مفتاح للتفتح على حظيرة العلم وخزانته وإنما يعرف اهل الفضل ذووه.
والذين حرموا العلمين عندهم علم العقل على ضوء الفطرة ، فعندهم وحي الفطرة ومن ثم العقل ، بهما يعقلون حق القرآن ، فأين ـ إذا ـ اختصاص الحجة بعلماء اهل الكتاب ام اي العلماء؟
ثم (هُوَ الْحَقَّ) هنا يحصر الحق في القرآن كأنه لا حق سواه ، أفلا تكون كتابات الوحي بين يديه حقا يسندون إليها أهلوها بحق القرآن؟
أجل! ولكن الحق درجات من أدناها الى أعلاها ، فالقرآن أعلاها ، كما ولثباته درجات والقرآن اثبتها خلودا وأعلاها! ومن ثم هو بين تحرف من المحرفين ، وسليم عن ايدي الدس والتحريف والقرآن سليم في أعلاها.
__________________
(١) راجع كتابنا «رسول الإسلام في الكتب السماوية» تجد فيه زهاء ستين بشارة بحق القرآن ورسوله.