(وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). (٥)
هنا ينفى الجناح عن خلفيات التبني لحدّ الآن (فِيما أَخْطَأْتُمْ) خطأ في أصله أن لم يكن إلّا قولا بالأفواه دون اثر خارجي ، وخطأ في تجهيل آباءهم حتى جهلوا ، و (ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) يعم عمد التبني بترتيب آثار البنوّة لهم ونفيها عن آباءهم ، او عمدا في تجهيل آباءهم حتى جهلوا خطئان لا جناح فيهما ، وتعمدان مغفوران لمن تاب توبة نصوحا. ثم وقصة الرضاعة ليست بالتي تشكل نسبا إلا تحريما مّا وتحليلا ، والإسلام يهدف من وراء هذا السياج القويم على الأنساب أن يحافظ على نظامها التكويني دو تبعثر بتبن وسواه ، وحتى إذا كان نسبا كافرا ، فانه ليس ليسمح نسبة المؤمن الى غير والديه مهما كانت هنالك أحكام وقائية لشرف الايمان.
فليس لأحد أن يخفي نسبه بوصمة الكفر فيدعي نسبا آخر بسمة الايمان ، فليس الايمان بنسب وسبب ، فانه شرف ذاتي لا يعدو حامله الى سواه إلّا إذا حمله الى سواه.
وإنه تشديد أكيد يتمشى مع عناية الإسلام بصيانة الأسرة كيفما كانت ، والحفاظ على روابطها من كل شبهة وخلل ، وحياطتها بكافة أسباب السلامة والسلوة والاستقامة ، بعيدة عن الفوضويات في دعارات وسواها من ادعاءات جوفاء ، في تغيير النسب وتحويره ، مهما كان بمبرّر الايمان فانه خلاف قضية الايمان.
(النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً)(٦).