النطفة ايضا مخلوقة من تراب ، مهما اختلف تراب عن تراب ، وتؤيده آيات خلق الإنسان ـ ككل ـ من تراب او طين (١) :
(خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) عنصر ميت في أصله ، حي في نسله منذ النطفة حتى الجنين حيث تتم الحياة الانسانية ، فمن اين أتت هذه الحياة وكيف وأنى (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)!
فالنقلة من حياة الى حياة ارقى هي قريبة ، ولكنها من موت الى حياة بعيدة غريبة ، إلا أننا نعيشها على مر الزمن ، (أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ)!
ثم هذه النطفة في صورتها الوحيدة ، وهيدة لانقسامها الى ذكر وأنثى (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) ـ سبحان الخلاق العظيم! ومن ثم حمل الأزواج بكمه وكيفه ليس إلّا بعلمه (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) والنص في إطلاقه العام يتخطى أنثى الناس الى كل أنثى ، و «من» هنا تأكيد مستغرق للنفي وهو العام المستغرق لكل أنثى :
من حيوان البر والبحر والجو ، ومن الزواحف والحشرات ما تلد وما تبيض ، فالبيضة حمل من نوع خاص إذ لا يتم نموه داخل الجسم ، بل ينزل بيضة ثم يتابع نموه خارج جسم الام بحضانتها ام حضانة صناعية اما هيه؟ حتى يصبح جنينا كاملا ثم قفسا ومتابعة لسائر نموه الحيوي! فكل حمل وكل وضع هو بعلمه كما هو بقدرته ثم :
__________________
(١). «أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً» (١٨ : ٣٧)؟ «وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ» (٣٠ : ٢٠) «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ..» (٤٠ : ٦٧) «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ..» (٢٢ : ٥)