ثم التقسيم الثلاثي ل «عبادنا» الى ظالم ومقتصد وسابق بالخيرات ، ... دليل قاصد قاطع لا مرد له ان ليسوا داخلين في ذلك الايراث ، إلّا ان يسوّى بين «ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات» في انهم من (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا)(١) وتلك إذا تسوية ضيزى!
فحتى ولو عمت «اصطفينا» غير المعصوم ، ليست لتعم المأثوم في تلك المقابلة الثلاثية الواضحة.
ثم من هذا الذي اصطفي عليه (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) وليس للظالم صفاء حتى يفضل في صفائه على سائر الأصفياء وسواهم!.
هنا الله تعالى يقتسم عباده الى هؤلاء الثلاث ليوضح من هم (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) وعلى من اصطفاهم؟
فالمسلمون بين ظالم لنفسه ومقتصد وسابق بالخيرات والظالم لغيره هو خارج من «عبادنا» والمصطفى بينهم ـ بطبيعة الحال ـ ليس إلّا السابق بالخيرات ، فهم مفضلون على اصحاب اليمين المقتصدين ، فضلا عن الظالمين : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً. فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) (٨)
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢٥١ ـ اخرج الطيالسي واحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في هذه الآية قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة وفيه اخرج الطبراني والبيهقي في البعث عن اسامة بن زيد في الآية قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كلهم من هذه الامة وكلهم في الجنة. أقول : صحيح ان كلهم من هذه الامة كما تلمحناه من الآيات ، وكلهم من اهل الجنة على شروط الاهلية ، ولكن كيف يكون هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة؟ تنزيلا للمصطفين الى منزلة الظالمين وترفيعا للظالمين الى منزلة المصطفين؟.