(فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) وهم بعد في المعركة قبل فرارهم (رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) «خوفا كما المحتضر ، او نظرة الإذن للفرار (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) صورة شاخصة واضحة الملامح تنبئ عن سيرة باخسة ، مضحكة مبكية تثير السخرية من هؤلاء الجبناء اللعناء ، حيث أخذتهم غشوة الموت فغابت حواسهم ، وأخذت أعينهم نظرة لزهاق أنفسهم!
(فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) وامنوا البأس «سلقوكم» ضربوكم طعنا (بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ) كأنها نيازك نارية (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) يبخلون عليكم أن زال الخوف عنكم بانتصاركم ، وهم يرقبون غلب العدو ، ويبخلون على ما غنمتم كأنه لهم كله أو يشاركون ، وهم لا نصيب لهم في الإنتصار!
(فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ) أصبحت ألسنتهم الخرس حدادا طوالا لأنفسهم على المؤمنين ، وارتفعت أصواتهم بعد الرعشة ، وانتفخت أوداجهم بكل رعونة وعظمة ، وادعوا ادعاءاتهم الجوفاء دونما اختجال ولا حياء ، كأن لهم الفضل دون سواهم ، ولم يكن الفضل إلّا لسواهم ، ويا له من وقاحة حمقاء ونفاقة لعناء!.
وهذا الجيل من النسناس دائبون في ألسنتهم الحداد بين الناس ، صم بكم جبناء اعمياء أشحاء لا حراك لهم حين البأس إلّا ضدا لصالح الناس ، فصحاء بلغاء حركون ثوريون في كل صرخة صيحاء. في الأمن والرخاء كأنهم هم الذين جاهدوا وغيرهم قاعدون.
«أولئك» المنافقون والذين في قلوبهم مرض (لَمْ يُؤْمِنُوا) لمّا ادعوا الايمان (فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ) باللّاايمان ، حيث العمل غير النابع عن الايمان حابط أيا كان ، كما الايمان دون عمل خابط مهما كان أفضل من اللاايمان (وَكانَ ذلِكَ) الإحباط (عَلَى اللهِ يَسِيراً) مهما خيل إلى البسطاء ان لكثير العمل اثره وان لم يكن عن ايمان!