ومن خلفيات هذه المعاهدة ، مبايعة الرسول (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٤٨ : ١٠) فالمبايعون الموفون بعهد الله هم الصادقون ولهم الأجر العظيم ، والناكثون لعهدهم هم من المنافقين مهما كانوا من المؤمنين ، حيث النفاق دركات كما الايمان درجات ، وآية الأحزاب تقابل بين الذين (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) وبين المنافقين ، فليكونوا أعم ممن هو في الدرك الأسفل من النار ومن ضعفاء الايمان.
وقد اشترى الله المبايعين الصادقين بأنفسهم ونفائسهم : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٩ : ١١١) وهنا الإيفاء بعهد الله وهو بصيغة اخرى قضاء للنحب ، لا يختص بان يقتل المؤمن في سبيل الله ، بل وان يقتل ، قتل بعد ام لم يقتل.
وكما ليس هؤلاء المؤمنون الصادقون هم الأولون ـ فقط ـ كذلك المبايعون الله الذين اشترى أنفسهم وأموالهم ، فطول الزمان وعرض المكان يحوي من هؤلاء من قد يفوق الأولين ام يساميهم : (١).
__________________
(١) يروى نزول الآية بشأن نفر من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كأنس بن نضر وأصحابه ففي الدر المنثور ٥ : ١٩٠ ـ اخرج ابن سعد واحمد ومسلم والترمذي والنسائي والبغوي في معجمه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن انس (رضي الله عنه) قال : غاب عمى انس بن نضر عن بدر فشق عليه وقال : أول مشهد شهده رسول الله (صلى الله عليه وآله ـ