(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(١) لا يحمل الشاكر وزر الكافر ، ولا يحظو الكافر حظو الشاكر مهما تقاربت الأنساب أم تغاربت ، (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) ـ «ثم» بعد ما تقضون هذه الأدنى «إلى ربكم» في ربوبية الحساب والجزاء بعد ربوبية التكليف «مرجعكم» إليه فقط لا سواه ، فإنه هو ربكم لا سواه «فينبئكم» بعد تغافل في تساهل (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) إن خيرا فخير وإن شرا فشر ـ ل (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
(وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّار)(٨).
هذه هي سيرة الإنسان وسريرته ، أن فطرته وهي الأصيلة في كيانه ، تبرز عارية في حالة الضر ، متكشفة عن غبارها ، ساقطة عنها ركامها وأوهامها ، حين تنقطع الأسباب وتحار الألباب ، حينئذ يتناسى الإنسان كل سبب لفشلها ، ويذكر ربه مصلحيا ف (دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) راجعا عما كان يدعو ـ في غير ضره ـ إليه ، نوبة بعد أخرى (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً) أعطاه نعمة عظيمة بعد أن كشف ضره ، وكلّ نعمة هناك عظيمة ، فكشف الضر نعمة ، وإعطاء نعمة بعده نعمة على نعمة (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ) من ضر منيبا إليه و «نسي التوبة إلى الله» (٢) : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ
__________________
(١) راجع تفصيلها الى الآية في سورة النجم.
(٢) «ما» بين موصولة وموصوفة ففي الاولى تعني «الضر» وفي الثاني تعني التوبة حال الضر وهما هنا معنيّان ، والثاني نص الحديث التالي في نور الثقلين ٤ : ٤٧٨ ، ح ١٦ في روضة الكافي باسناده عن عمار الساباطي قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ ...) قال : نزلت في أبي الفضيل انه كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عنده ساحرا فكان إذا مسه الضر يعني السقم دعا ربه منيبا اليه يعني تائبا اليه من قوله في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما ـ