ثم في القيامة الكبرى ، وهناك فارق بين (مَنْ شاءَ اللهُ) وسواهم ، أنهم لا يصعقون ويفزعون يوم الصعقة الموت عن البرزخ ، فإنه كموت الأرواح : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ) (٣٩ : ٦٨).
ليس الموت آخر المطاف في رحلة الحياة ، إنما هو حلقة بعدها أصل الحياة (يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي) وهنالك اختصام العباد المشركين كما كانوا يختصمون في الدنيا في مواليهم وفيما بينهم : (قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ. تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢٦ : ٩٧) (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) (٥٠ : ٢٨) و (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٣٨ : ٦٤) اختصاما متصلا بين الحياتين دون إمهال (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ) (٣٦ : ٤٩).
العبّاد من دون الله يختصمون فيما بينهم وكما يختصم المعبودون ، ثم ثالث ثلاثة اختصام العبّاد والمعبودين ، ثالوث منحوس ، ثم اختصام بين الرسل والمرسل إليهم ، وبين كلّ الدعاة والمدعوين : (وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) (٢٥ : ٣٠) وأين اختصام من اختصام؟!
ومن الاختصام ما هو بين الأمة مع بعض في ظلامات «في الدماء» (١)
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٣٢٧ اخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى قال لما قرئت هذه الآية قيل يا رسول الله فما الخصومة قال : في الدماء ، واخرج عن الزبير بن العوام قال لما نزلت (إِنَّكَ مَيِّتٌ ...) قلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أينكر علينا ما يكون بيننا في الدنيا مع خواص الذنوب؟ قال نعم لينكرن ذلك عليكم حتى يؤدّي الى كل ذي حق حقه.