(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ)(٣٢).
من كذب على الله أن له شركاء أم لم يوح إلى أحد أمّاذا من أكاذيب ، ثم كذب بالصدق إذ جاءه وحيا وموحى إليه بآياتهما البينات ، فمن اظلم منه ، إنه في الدرك الأسفل من الظلم كذبا على الله وتكذيبا بما جاءه عن الله ، مهما كان له أمثال في دركه.
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)(٣٣).
لعل (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) وجاه (مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ) هو الذي جاء الله بكل صدق ، صادقا به وبتوحيده وبأقواله.
كما الذي «صدق به» وجاه من (كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ) ، هو المصدق لما جاءه عن الله من وحي بمن جاء من رسل ، تخاصما بينهما في بعدين ف (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
ولماذا «أولئك»؟ و «الذي» مفرد؟ علّه لأن «الذي» يعم الرسول والمرسل إليه ، وكل عدّة تعم المكلفين المصدقين أجمعين ف (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)!.
فالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء كمن قبله بالصدق عن الله ، وصدّق بما جاء به وبما جاء به من قبله ، والمرسل إليه جاء إليه بالصدق في كيانه ووحيه ، وصدق بالصدق الذي جاءت به رسله ، فهما على ـ جمعيتهما ـ معا معنيان ف (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ثم احتمال ثالث أن (الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) هو الرسول (وَصَدَّقَ بِهِ) هو المرسل إليه (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٣٢٨ ـ اخرج ابن مردويه عن أبي هريرة (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ)