(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ)(٣٤).
لهم عند ربهم في مقامات القرب والزلفى «ما يشاءون» مشية مختارة وليست مختارة ، و «ذلك» العظيم العظيم (جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ... أتراهم إن شاءوا رؤية الله ، أم شاءوا أن ينالوا درجات الأنبياء ، أم شاءوا زوجات المتقين الآخرين فلهم كل ذلك حيث (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ)؟
كلّا! فليسوا ليطلبوا المحال ، وهم على علم أن رؤية الله مستحيلة ، ومن المجيء بالصدق والتصديق به تصديق أنه لا يرى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ).
ثم ولأنهم يعرفون درجاتهم ليسوا ليطلبوا فوقها مما يخص من فوقهم فإنه طلب لغير العدل ، والطالب ما فوقه من مكانة إما ظالم متطاول ، أو جاهل متعاضل ، وهم عن هذه الظلامات والجهالات مبعدون.
ثم ولأنهم لهم ما يشاءون من زوجات فلم يشتهون زوجات آخرين ، وهكذا تطلّب عارم ناشئ إما عن فقدان ولهم ما يشتهون ، أو عن طيش
__________________
ـ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَصَدَّقَ بِهِ) قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وفي المجمع انه المروي عن أئمة الهدى من آل محمد عليهم السلام ، أقول ومنه ما في تفسير البرهان : ٤ : ٧٦ محمد بن العباس بسند عن أبي الحسن (عليه السلام) قال قال ابو عبد الله (عليه السلام) في الآية وذكر مثله.
أقول : ولقد اخرج الحفاظ وارباب المسانيد والمؤلفون مثله كابن المغازلي في المناقب وابن عساكر في فلك النجاة والكنجي في كفاية الطالب ١٠٩ والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ١٥ : ٢٥٦ وابو حيان في البحر المحيط ٧ : ٤٢٨ والسيوطي في الدر المنثور كما مضى ، والمير محمد صالح الكشفي الترمذي في مناقب مرتضوي ٥١ والالوسي في روح المعاني ٣٠ : ٣ وأخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).