قصوى للإحياء في الأولى ثم الأخرى ، والأولى قائد الأخرى ورائدها (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
(سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ)(٣٦).
ما سوى الله كلّها أزواج ، ف (الْأَزْواجَ كُلَّها) تعني الكائنات كلها سوى الله : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٥١ : ٥٠)(١) فكل ممكن زوج تركيبي ، مزدوج الكيان ، فليس بالإمكان كونه إلّا في زوجية مّا أيا كان ، فلا كائن فردا بسيطا إلّا الله ، فلا غنيّ مطلقا إلّا الله (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) ف (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ...) أن يتخذ منها شريكا والكل فقراء إلى الله فكيف يفتقر إليها الله؟!
وزوجيته كلّ شيء هي لأقل تقدير ذات بعدين ، في ذاته ، وبالنسبة لسواه ، فحاجة ذات بعدين يتعلق فيها بالله : (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ) حيث ازدواجية الرباطات المنضّدة بوحدة القاعدة الضابطة في التكوين ، إنها تشي بوحدة اليد المزدوجة المبدعة على اختلاف الأشكال والأحجام والميّزات والسمات ف (سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها ..) من شريك أو ند ، أو عجز أو ظلم أمّا ذا من نقص في ساحته أو ركس في سماحته.
__________________
(١). تجد بحثه الوافي في الفرقان ج ٢٧ ص ٣٣٧ ـ ٣٤٣ وفي الدر المنثور ٥ : ٢٦٢ اخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله سبحانه «سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها» قال : الأصناف كلها الملائكة زوج والانس زوج والجن زوج وما تنبت الأرض زوج وكل صنف من الطير زوج ثم فسر فقال : مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ـ الروح لا يعلمه الملائكة ولا خلق الله لم يطلع على الروح احد وقوله : ومما لا يعلمون : لا يعلم الملائكة ولا غيرها.