بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ) (٤٠ : ٥٠).
وكما أن غرفة النوم يغلب فيها النوم واليقظة قلة قليلة كمقدمة له ومؤخرة عنه ، كذلك البرزخ هو كغرفة النوم ، وهذا هو الذي يحملهم أن يقولوا (لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) أماذا من قلة قليلة من لبثهم في برزخهم.
وترى كيف يستنكرون بعثهم عن مرقدهم في عجاب ، وبحسبهم الحياة البرزخية دليلا صارما على حياة الحساب الجزاء بعد الموت؟
«يا ويلنا» ليست إلّا تصديق الويل لهم ما لم يكونوا يحتسبون و «من بعثنا» ليس استنكارا ، بل هو استعجاب ، ولم تبرهن لهم الحياة البرزخية إلّا نفسها ولمّا يعلموا بيقين أنهم مبعوثون ليوم الدين ، إذ تعرّق الكفر في أعماقهم لحد لا يخرج إلّا بواقع الحياة الحساب ، فقالوا (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) ثم أجابوا هم أنفسهم (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ) أن نبعث من مرقدنا (وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) فيما أرسلوا به ومنه بعثنا ، أو أن الجواب من الله أو من يجيبهم عن الله؟ قد يعنهما «هذا ...» ولو خص بغيرهم لجيء بما يخصه ، ك «قيل» أو «قلنا» ، ثم «الرحمن» دون «الرحيم» مما يلمح أنه قولهم مهما همّ غيره ، فلو كان قول الرحمن لكان «وعد الرحيم» حيث الرحمة الرحيمية هي المقتضية للحياة الحساب ، مهما اقتضت الرحمانية إمكانية العود في المعاد ، وليس ـ أخيرا ـ وعد الرحمن إجابته تعالى عن فاعل البعث ، وإنما تحقيق الوعد وتطبيق الصدق.
(إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ)(٥٣).
«إن كانت» النفخة الثانية في الصور كما الأولى (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) فالنفخة هي الصيحة النقرة (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) (٥٤ : ٥٠) دون