البالغ عددها عشرة معروفة لنا من أسمائها فقط (٦) ومن المقتطفات الموجودة لدى المؤلفين المتأخرين أو الإشارات إليها فى المراجع المختلفة. وجميعها على وجه التقريب تدور فى محيط الأدب الخفيف والحياة المرحة ، وقد يلاحظ فى بعضها وجود اتجاهات شعوبية إيرانية كما فى كتابه «جمهرة أنساب الفرس» ؛ وبعضها يستهدف إمتاع الكبراء والأغنياء مثل «كتاب الشراب» و «كتاب الطبيخ» ، وقد كشف أخيرا عن مخطوطة واحد منها هو كتاب «الملاهى والأسمار» ، وذلك ضمن مجموعة شخصية (٧). وله فضلا عن ذلك كتاب فى «التاريخ» يعالج فيه كما ذكر المسعودى (٨) تاريخ الأمم قبل الإسلام ؛ وكما هو الشأن مع كل أديب فى ذلك العصر فإن ثبت مؤلفاته لم يخل من «كتاب الأنواء» ، وقد وقفنا عنده فيما مر بنا من القول :
ويبدو أن مكانته فى البلاط قد هيأت له شغل وظيفة هامة هى وظيفة صاحب البريد بنواحى الجبال بإيران ؛ ومن المحتمل أن هذا الوضع هو الذى دفعه إلى تأليف كتاب جغرافى استجابة لطلب أحد العباسيين. ولا نعرف على وجه التحديد التاريخ الذى شغل فيه ابن خرداذبه هذا المركز ، ولكن يبدو أن تأليف الكتاب قد استغرق وقتا طويلا ؛ ويرى دى خويه أن المسودة الأولى ترتفع إلى حوالى عام ٢٣٢ ه ـ ٨٤٦ ، أما الثانية فلا تتجاوز بحال عام ٢٧٢ ه ـ ٨٨٥. ولا تزال المسألة إلى أيامنا هذه باقية دون حل نهائى ، فبعض العلماء لا يزال يعتقد أنه ليست هناك سوى مسودة واحدة تعود إلى التاريخ الأخير (٩) رغما من أن الأغلبية ترى رأى دى خويه (١٠). وهذا الأخير يعتقد أن كلا المسودتين لم تصلا إلينا وأن الطبعة الحالية تمثل موجزا متأخرا وجد فى مخطوطتين فقط. كذلك لسنا على يقين من عام وفاة ابن خرداذبه ، وإذا كان صحيحا ما أورده حاجى خليفة ، معتمدا فى ذلك على مصدر غير معروف لنا ، من أنه توفى حول عام ٣٠٠ ه ـ ٩١٢ (١١) فإن ابن خرداذبه يكون بذلك قد عاش عمرا طويلا لأنه ولد على ما يظهر حوالى عام ٢٠٥ ه ـ ٨٢٠.
أما قيمة كتابه «المسالك والممالك» فيمكن الحكم عليها من الاستشهادات التى سقناها فيما مر من الكتاب ؛ وستظهر محاسنه وعيوبه من خلال العرض العام لمحتوياته (١٢). وهو يبدأ وفقا للتقليد المعروف بالمعلومات المعهودة من محيط الجغرافيا الرياضية خاصة وصف شكل الأرض كما لدى بطلميوس (١٣) ؛ وقد بينا فيما سبق من الكلام كيف يجب أن نقف من ترجمة بطلميوس التى نقل عنها ابن خرداذبه. وبعد فصل قصير عن اتجاه القبلة بالنسبة لكل بلد يكرس المؤلف قسما كبيرا للكلام على سواد العراق فيذكر تقسيمه الإدارى وأنواع الضرائب التى تجبى منه ، مع إيراد ملاحظات عن تاريخها هنا وفى مواضع أخرى من الكتاب ؛ ويمكن على ضوء هذه التفاصيل وضع ميزانية الدولة الإسلامية لذلك العهد ، وأول من فعل ذلك المستشرق كريمرKremer (١٤). ويختتم ابن خرداذبه هذا القسم بتعداد الملوك القدماء من لدن