وإلى جانب هذه المراجع الأساسية التى مر ذكرها والتى تعالج الأدب الجغرافى بأجمعه توجد مراجع أخرى محدودة بمنطقة أو فترة معينة. وسأذكر من بينها أشهرها قاطبة وهو تحليل مؤلفات مؤرخى وجغرافيى الأندلس Ensayo bio ـ bibliografico sobre los historiadores y geografos arabigo ـ espanoles للمستعرب الاسبانى پونس بويغوس Pons Boigues (٤٧). وبالرغم من أن هذا الكتاب قد رأى النور منذ عام ١٨٩٨ ، أى فى وقت واحد مع الجزء الأول «لتاريخ الأدب العربى» لبروكلمان ، إلا أنه يضم بين دفتيه مادة ذاخرة جعلته لا يزال متمتعا فى بعض أقسامه بقيمته العلمية إلى الوقت الحاضر ؛ وأحيانا قد يكون من المفيد الرجوع إليه رغما من وجود المرجعين الضخمين السالفى الذكر.
وقد اعترف العلم الحديث بأهمية الأدب الجغرافى فى الإطار العام للدراسات العربية ، وظهرت فى القرن العشرين مجموعتان من النصوص المنتخبة من ميدان الجغرافيا كمقدمة لتسهيل دراسة الموضوع لمن يودون الخوض فى مصادره الأصلية. ومن قبل كانت المنتخبات الجغرافية تحتل مكانها بين المنتخبات الأدبية العامة عند المبتدئين فى دراسة العربية ؛ أما وجود منتخبات خاصة فى فرع معين من فروع الأدب العربى فقد كان أمرا نادرا. وأولى هاتين المجموعتين من المنتخبات الجغرافية المستقلة قد نشرها فى أواخر أيام حياته الخبير الكبير فى هذا الفن دى خويه وذلك فى عام ١٩٠٧ (٤٨) ؛ وهى تحتوى على قطع ليست بالطويلة مأخوذة عن تسعة من الجغرافيين العرب ممن ينتمون إلى عهد ازدهار هذا الفن من الأدب. وقد قصد جامعها أن «يقدم للدارسين فكرة عن المادة التى يمكن استقاؤها من المؤلفات الجغرافية فى الأدب العربى بغض النظر عن الجانب الرياضى». ويصحب هذه المنتخبات مقدمة قصيرة باللغة الإنجليزية ونبذ عن المؤلفين وتعليقات مقتضبة بالإنجليزية والألمانية أقرب ما تكون إلى نمط المعاجم. هذا وقد أدت هذه المجموعة غرضها بحق ، وهى ذات فائدة بينة فى التعرف على الأدب الجغرافى فى نصوصه الأصلية رغما من بعض الصعوبة التى تكتنف فهم مواضع معينة منها ، وهو أمر كان يجب على المؤلف أن يستدركه فيفصل فى الشرح أكثر من أجل المبتدئين. أما المجموعة الثانية من المنتخبات الجغرافية وهى التى نشرها منذ خمسة وعشرين عاما المستعرب الفرنسى بلاشيرBlachere (١٩٣٢) (٤٩) فقد قامت على فكرة أوسع من تلك ، ولم يكن الغرض منها تقديم مجموعة من النصوص فحسب للمهتمين بدراسة اللغة العربية ولكن قصد منها أيضا تقديم سرد موجز لتطور الأدب الجغرافى لدى العرب مع انتقاء المؤلفين والنصوص بطريقة تبدو معها اللوحة متكاملة ويستطيع القارئ بدوره أن يتتبع خلالها تطور الأنماط المختلفة للأدب الجغرافى. هذا وتشتمل المجموعة على أكثر من خمسين قطعة لنحو من خمسة وعشرين مؤلفا ، ولم تستثن فيها الجغرافيا الفلكية كما هو الحال مع مجموعة دى خويه ولكن أفرد لها المكانة الثانية. وإلى جانب المقدمة العامة زودت كل فترة وكل مؤلف وكل نص