ولكن فيما يتعلق بالأخير فإنه تقابلنا أحيانا تفاصيل تدل على معرفته الواسعة بأحواله. وقد أثبت أمارى Amari (٤٠) أن ياقوت هو المؤلف الوحيد الذى حفظ لنا شذرات من مصنفين مفقودين لمؤلفين من صقلية هما أبو على الحسن (حوالى عام ١٠٥٠) (٤١) وابن القطاع (توفى عام ٥١٥ ه ـ ١١٢١) (٤٢) ؛ وهو يعتمد عليهما اعتمادا كليا فى معلوماته عن الجزيرة. وعلى العكس من هذا فإن معرفته بإيطاليا على العموم لم تكن جيدة ؛ ونفس هذا الحكم كما لاحظ زيبولدSeybold يصدق على معرفته بقورسيقا ولا نغوبرديه وكلابريا ومالطة وغيرها (٤٣).
وبخلاف المعجم الكبير فإنه يرتبط باسم ياقوت أيضا مصنفان جغرافيان معروفان تم طبعهما قبل المعجم وهبطت قيمتهما عقب طبعه. أولهما وضعه بعد المعجم الكبير لهدف خاص وهو يحمل عنوان «كتاب المشترك وضعا والمفترق صقعا» أى أنه بمثابة معجم للمواضع التى تشترك فى الاسم. ويتضح من ألفاظ ياقوت نفسه فى مقدمة هذا الكتاب أنه قد استخرجه من معجمه الكبير ليكون أسهل عند المراجعة. ومادته مقتضبة إلى أقصى حد ؛ كما أسقطت منه جميع تلك الاستطرادات التى تضفى أحيانا على مصادرها أهمية خاصة. ونظرا لأنه قد تم تأليفه عقب المعجم الكبير فقد أضحى فى حيز الإمكان إضافة تفاصيل صغيرة إليه غير موجودة بالمعجم ، الأمر الذى يجعل من المفيد الرجوع إليه فى أمثال تلك الأحوال. أما من ناحية الكم فمادته هو أيضا واسعة جدا إذ يورد فيه ذكر ألف وواحد وتسعين اسما تعالج أربعة آلاف ومائتين وواحدا وستين موضعا جغرافيا.
أما المصنف الثانى الذى يحمل اسما تغلب عليه الصنعة هو «مراصد الاطلاع على أسماء الأماكن والبقاع» والذى طبع مسودته يينبول Juynboll (٤٤) فإنه ليس من عمل ياقوت نفسه. فهذا الكتاب الذى لا يمثل فى الواقع سوى موجز للمعجم الكبير قد عمله بعد مائة عام من ذلك على ما يظهر شخص يدعى صفى الدين عبد المؤمن بن عبد الحكم (توفى عام ٧٣٩ ه ـ ١٣٣٨) ؛ ولا تزال مسألة من هو المؤلف موضع نزاع (٤٥) ، فرينوReinaud الذى فحص الطبعة بعناية فائقة خرج بنتيجة مؤداها أنه قد وجد على الأقل ثلاث موجزات أو ثلاث مسودات تحت عنوان واحد ؛ إحداها فقط لياقوت ولكنها لم تصل إلينا (٤٦). وإذا تذكرنا موقف ياقوت من الموجزات كما حدده هو بنفسه فى آخر مقدمته للمعجم الكبير فإن وجود مصنف له من هذا النوع عرضة لشك كبير. أما المسودة الثانية فيرجعها رينو إلى عبد المؤمن هذا ، (٤٧) بينما ينسب الثالثة إلى السيوطى (٤٨) المشهور وقد تم العثور عليها منذ وقت غير طويل (٤٩). وطبعة يينبول فى ستة أجزاء (٥٠) قد أحيطت بالكثير من العناية والاهتمام (١) بحيث ساهمت مساهمة فعالة فى تيسير مهمة فستنفلد عند تحضيره لطبعة المعجم الكبير. وتقتصر أهميتها فى الوقت
__________________
(*) ظهرت له طبعة جديدة فى البلاد العربية لا أعتقد أنها تختلف كثيرا عن طبعة يينبول. (المترجم)