كان النبى يبلغ الرسالة ويؤتيه الله تعالى معجزة خاصة لقومه كالعصا لموسى عليهالسلام الناقة لصالح عليهالسلام وغير ذلك من المعجزات الخاصة والمحكومة بإطار الزمان والمكان ولنوعية معينة من الناس ... ، فلم تكن رسالات عالمية ولكن رسالات خاصة فى زمن معين ... ، لكن رسالة القرآن الكريم العالمية والتى لا تحكمها قوانين المكان والزمان وتحتويها المعجزة الباقية لكل عصر ، فنجد أن الكلمة القرآنية التى تصف الشيء تعطى لكل جيل ما يناسب علمه وحضارته دون أن يناقض ذلك المفاهيم التى تعطيها هذه الكلمة لغيره من الأجيال ... ، ويمكن أن يسأل الإنسان نفسه إذا كان القرآن الكريم هو بحروفه قول الله تعالى منذ الأزل فكيف وصل إلى العرب قبل الإسلام حروف تلك اللغة العربية ، نقول إن اللغة العربية هى أصل كل اللغات القديمة ولقد علم الله تعالى آدم عليهالسلام الأسماء كلها ، ومع مرور الزمن وتغير الحضارات ، ظلت اللغة العربية تحتفظ بمعانيها فى اللغات الأخرى والأمثلة على ذلك كثيرة ... ، ولأن الله تعالى يعلم أزلا بما سيحدث فى كونه نجد ارتباط الكلمات القرآنية بالحقائق الكونية كما أشرنا سابقا فتوارد كلمة البر ويبسا بالنسبة لكلمة البحر الواردة فى القرآن الكريم ، تأتى وتتوارد بأعداد ونسب تعكس نفس نسبة اليابسة إلى الماء وغير ذلك الكثير من ارتباط الكلمات بالحقائق الكونية الثابتة التى لم يكتشفها علماؤنا إلا حديثا ... ، إن رسم القرآن الكريم أكبر وأشمل وأوسع من قواعد الكتابة التى نتداولها فهو موضوع لحكمة إلهية مطلقة ، وكذلك القواعد الإعرابية للقرآن الكريم هى فوق القواعد الإعرابية الأخرى ... ، وكذلك فإن لكلمات القرآن الكريم عمقا لغويا يرتبط بأصل كل كلمة فى إطار معين لا يخرج المعنى عنه ، فمثلا إذا نظرنا إلى قوله تعالى (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) (١) ... ، إن العمق اللغوى لكلمة النسيء هى اللفظ نسأ (ن س أ) نجد أن النسيء هو تأخير الشهور بحسب مصالح المشركين. وقوله تعالى (ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ).
__________________
(١) سورة التوبة الآية ٣٧.