نجد أن لفظ منسأة يأتى من التأخير حيث نقول نسأ الشيء أى أخره ومن معنى الآية نجد أن عصا سليمان عليهالسلام قد أخرت علم الجن بموته لذلك أطلق على العصا التى أخرت علم الجن علم الجن بالمنسأة ، وهناك أمثلة أخرى فمثلا العمق اللغوى لكلمة بعل (ب ع ل) هى تعنى القوامة والانقياد والإتباع وهى صفة للرجل زوج المرأة وحين تكون الاشارة القرآنية بقوله تعالى (أَ تَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) (١) ، يصف لنا الله تعالى جعل الكفار من قوم موسى عليهالسلام لهذا الصنم قواما عليهم ينقادون له ويتبعونه كما أن المرأة تتبع بعلها وتنقاد إليه ، وإذا نظرنا إلى قوله تعالى (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ) (٢) وقوله تعالى تعالى (وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ) (٣).
فإننا نلاحظ أن الوصف (وأجدر) عمقه اللغوى (ج د ر) وهذا يعنى أن الكفر والنفاق عبارة عن جدار يحول بينهم وبين العلم بحدود الله برغم أن سياق المعنى فى تصوراتنا العادية لكلمة وأجدر أى أحق وأقرب ... ، ولقد لاحظ العلماء أنه لا يمكن لأى كلمة أخرى تنتمى لجذر لغوى آخر أو عمق معنى آخر أن تعطى نفس المعنى لكلمة وأجدر ، فكلمة أولى مثلا لو جاءت بدلا منها نجد أن عمقها اللغوى (ول ى) تعنى القرب والموالاة وهذا بعيد عن المعنى الذى تحمله كلمة وأجدر التى تعنى الفاصل والبعد بينهم وبين حدود الله ... ، وأيضا قد لاحظ علماء اللغة أنه لا يمكن أن يتصور الإنسان بقدرته المحدودة تبديل كلمة فى القرآن الكريم مكان كلمة أخرى ظنا منه أنها تعطى نفس المعنى لأن الكلمات القرآن الكريم عمقا لغويا بعيدا يظل معجزة باقية على مر الزمن وعلى سبيل المثال فكلمة حجز (ح ج ز) لا يمكن أن تنوب عن كلمة وأجدر لأن الحاجز يعنى منع طرفين من الوصول إلى بعضهما ولا
__________________
(١) سورة الصافات الآية ١٢٥.
(٢) سورة التوبة الآية ٩٧.
(٣) سورة الكهف الآية ٨٢.