لذلك فكل منهما يرد ٣ مرات فى القرآن الكريم وكذلك مشتقات كلمة (بدا) تأتى مرتبطة بالإنسان ولم تأت مرة واحدة مرتبطة بالله تعالى لأنه سبحانه يعلم الأشياء قبل ظهورها فلا يبدو له شىء ولكن علمه محيط بكل شىء قبل ظهوره ، كذلك فإن التصوير القرآنى يأتى بكلمة أقسمتم وأقسموا وهو القسم المتعلق بالبشر دون أن يسبق القسم بكلمة لا ، لأن الإنسان يقسم بما هو أعظم منه ولكن القسم بالنسبة لله تعالى فنجد أنه يسبق بكلمة لا لأن الله تعالى أعظم من كل شىء يقول تعالى (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ) (١) ويقول تعالى (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) (٢).
ومن حصاد التفكر أيضا أننا نجد أن كلمة الرعب مقترنة بالقلوب ، يقول تعالى (وقذف فى قلوبهم الرعب) (٣).
ونجد أيضا أن كلمتى أقسموا وأقسمتم العائدة على البشر تردان فى القرآن الكريم ٨ مرات وكلمة أقسم ترد بتناظر مع هذا القسم ٨ مرات ... ، كذلك هناك الإعجاز فى عمق المعنى ، فكلمة آية لا تعنى مجموعة الكلمات التى تقرأها والمرتبطة بحروف معينة ولكن المقصود بها الدليل والبرهان ، أى أن كلمات الله ليست كلمات تتلى فقط ولكنها تحمل مع كل آية الدليل والإعجاز والبرهان ، يقول تعالى (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (٤).
وإذا أردنا أن نلخص عبارة جامعة عن القرآن الكريم نقول إننا نحن المخلوقات المكلفة حين نقرأ القرآن الكريم ونتدبر معانيه نجد أن له عمقا ظاهرا محكما حيث يحتوى على دعوة كلها إلى الخير ومرتبطة بالأدلة والبراهين والإعجازات الظاهرة التى نستطيع إدراكها بالبحث والتدبر والتأمل ... ، ثم بعد ذلك نجد أن هذا القرآن الحكيم لأنه ينتمى إلى عالم الأمر الإلهى ، فإن به معانى وأحكام وبراهين لا يعلم الحكمة منها إلا الله تعالى صاحب الأمر ، فالعقل البشرى لا بدّ أن تكون له حدود
__________________
(١) سورة الحاقة الآية ٣٨
(٢) سورة القيامة الآية ١
(٣) سورة الحشر الآية ٢
(٤) سورة العنكبوت الآية ٤٩