الغنى وهناك من يصلحهم الفقر فهى جوانب متعددة فى المسألة الواحدة لا تطيقها العقول المحدودة فهى ترجع لعلم الله وغيبه وهى لا تزعزع فى إيماننا لأن الله تعالى أنزل براهينه بالإعجازات الظاهرة بالتفكر حيث هناك فى النفس آيات وفى الكون آيات ، وفى دعوة الخير آيات ، وفى الاكتشافات العلمية المطابقة للقرآن والسنة آيات ، وفى الإعجازات العددية والحسابية واللغوية آيات ... ، وغير ذلك من الإعجازات المختلفة لذلك يقول تعالى (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) (١) والذى يثبت حقيقة الكلام السابق وجود التعبير القرآنى (هن أم) فالأم الواحدة تطلق على مجموع القرآن كله ، فمعنى" منه آيات بينات هن أم الكتاب" أى منه براهين وإعجازات واضحة فى كل آياته ، ومعنى" وأخر متشابهات" أى ومنه أيضا براهين غير واضحة حيث لا يعلم الحكمة منها إلا الله ، إذن فالمقصود بلفظ" آية" أو" آيات" هو البراهين الواضحة وليست الكلمات المحدودة بالفواصل القرآنية ، وإلا لو كانت مجموعة من الآيات المحكمات لكانت كل آية هى أم فيكون التعبير القرآنى" هن أمهات الكتاب" والذى يؤيد هذا التفسير أيضا التأمل فى كلمة" المتشابهات" فالعمق اللغوى لها كلمة (ش ب ه) الذى يعنى عدم إدراك حقيقة المسألة واختلاط الأمر رغم أن لها وجها ظاهرا ونلاحظ ذلك فى الصورة القرآنية (إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا) (٢) أى أن الأمر اختلط علينا فلم ندرك حقيقة البقرة المطلوبة رغم أن البقر ظاهر أمامنا ، ومما يثبت أيضا أن المقصود بعبارة (منه آيات) هى الآيات كلها التى يحتويها القرآن الكريم قوله تعالى فى نفس الآية (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ) ولم يقل" ما تشابه منها" فكلمة منه أى من القرآن كله وذلك يثبت لنا أن كل كلمات القرآن الكريم تحتوى الأدلة والبراهين التى يكمل بعضها بعضا فى معانيها وليست هى الآيات الظاهرة التى
__________________
(١) سورة آل عمران الآية ٧
(٢) سورة البقرة الآية ٧٠