تنتهى بالفواصل فحين يقول تعالى (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) (١) يجب علينا أن نسبح مع الصور القرآنية حتى نصل إلى قوله تعالى" ليس كمثله شىء" وبذلك تنضبط تصوراتنا المحدودة بالنسبة لمسألة تتعلق بالذات الإلهية ، فالصور القرآنية تكمل بعضها البعض فالراسخون فى العلم ينطلقون لفهم القرآن الكريم من مبدأ (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) (٢) ، فالله تعالى يصف لنا القرآن الكريم بأنه كله محكم فى قوله تعالى (الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (٣) وكذلك يصف القرآن أيضا كله بأنه يحتوى العمق المتشابه أى المعنى البعيد الذى لا يستطيع أن يصل إليه البشر ، يقول تعالى (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً) (٤) ... ، إن القرآن الكريم هو كتاب الله المتكامل وجزاء من يؤمن ببعضه ويكفر ببعض هو الخزى فى الحياة الدنيا وله أشد العذاب يوم القيامة وإن تكامل القرآن الكريم لا يقتصر على المعنى البعيد والعمق اللغوى فقط ولكن هناك التناظر العددى فى حروفه أيضا يقول تعالى (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) (٥) وبذلك نجد أن أول ما أراد أن ينال منه الشيطان هو إظهار السوأة ، وأول ما نهى الله تعالى عنه بعلمه المطلق هو النهى عن الاقتراب من كل ما يؤدى إلى إظهار السوأة والعورة وهو الأكل من الشجرة ، وإذا نظرنا إلى التناظر العددى نجد أن (فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ ـ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) كل منهما يتكون من ١٤ حرفا ، فهى حقيقة لا جدال فيها وليست قصة للتسلية تبين لنا أن مسألة التعرى والابتعاد عن اللباس الذى يأمر به الله هى باب دخول الشيطان الأول لإغواء البشر وإفسادهم لينحرفوا عن منهج الله لذلك فإن الله تعالى يأمر النساء بأن يدنين عليهن من جلابيبهن والشيطان يأمر بنزع هذا اللباس عنهن وحين وجد من يصغون له كانت النتيجة ما نراه الآن من صور النساء الكاسيات العاريات.
__________________
(١) سورة طه الآية ٥.
(٢) سورة آل عمران الآية ٧
(٣) سورة هود الآية ١
(٤) سورة الزمر الآية ٢٣
(٥) سورة الأعراف الآية ٢٢