ويقول سبحانه (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) (١).
وبهذه النظرة الشاملة يمكن تفسير الآية السابقة وهى أن هذه القرية الهالكة ، أمر الله تعالى أهلها بالطاعة من خلال إرسال الرسل الذين يبلغون الخير الذى يأمر به الله ولكنهم يبتعدون عن هذا الأمر ويختارون طريق الخروج عن هذا الأمر بالفسق وفعل المعاصى والذنوب وعندها يحق عليها القول بالتدمير والهلاك ، وهو الواضح فى قوله تعالى (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَأَهْلُها ظالِمُونَ) (٢) وكذلك من يتعمق فى تلك الرسالة المعجزة يجد الكثير من صور الإعجاز والترابط اللغوى والعددى والكونى ، كذلك فإن الحديث النبوى يرتبط بما فى القرآن الكريم ويفسره ، فحين يعرف النبى صلىاللهعليهوسلم الإسلام بأنه الإسلام والخضوع لله بالأفعال الظاهرة كالصلاة والصيام والحج ، نجد أن ذلك نفس المعنى الذى يشير إليه القرآن الكريم يقول تعالى (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٣).
حين عرّف صلىاللهعليهوسلم الإيمان بأنه إيمان بالغيبيات ... ، كالإيمان بالله والملائكة والرسل فهو عقيدة خالصة تستقر فى القلب ونجد أن ذلك مطابقا للآيات القرآنية التى تتحدث وتشير إلى الإيمان ، يقول تعالى (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٤).
وحين يعرف صلىاللهعليهوسلم الإحسان بأنه مراقبة الله تعالى فى كل شىء وكأنك تراه مطلعا عليك فى كل الأمور نجد ذلك مطابقا للوصف القرآنى عن الإحسان الذى يصل فيه
__________________
(١) سورة القصص الآية ٥٩.
(٢) سورة القصص الآية ٥٩.
(٣) سورة الأنعام الآية ٧١.
(٤) سورة الحجرات الآية ١٤.