الإنسان إلى أعلى درجة من الصفات الحسنة لمراقبة الله تعالى ، يقول سبحانه (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١).
وحين يوضح لنا الحديث الصحيح عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه لن يدخل أحدنا الجنة بعمله ولكن برحمة الله تعالى نجد أن ذلك هو ما يتفق مع الآيات القرآنية يقول تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً. إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً. جَزاءً وِفاقاً) (٢) وتفسير ذلك أن جزاء الكافرين موافقا تماما لما عملوه فى الدنيا من سيئات ومعاصى ولكن عند الحديث عن أهل الجنة يقول تعالى (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً) (٣) ... ، ونجد أن معنى الآية أنه لو كان جزاء المؤمنين موافقا تماما لعملهم ما دخلوا الجنة حيث أن نعيمها يفوق كثيرا ما عملوه لأن أوامر الله تعالى كلها فى صالح الإنسان فى الدنيا ، فالأمر بعدم الظلم ينفعك كثيرا والأمر بحسن الجوار ينفعك أيضا لذلك فإن دخول الجنة هو عطاء من الله وفضل ... ، إنه الإعجاز والترابط اللغوى ، وهناك أيضا الترابط الحسابى فنجد مثلا كلمة الإيمان ترد فى القرآن الكريم ١٧ مرة وتناظرها كلمة الكفر أيضا ١٧ مرة وهذا يثبت كما أشرنا سابقا إن إضافة آية قرآنية أو حذف آية قرآنية يحدث خللا فى البناء الهندسى والترتيب الرياضى للقرآن الكريم ... ، كذلك فإن التناظر فى الكلمات يثبت أنه مستحيل حذف أو إضافة كلمة واحدة فى القرآن الكريم ، فكلمة شيخ ومشتقاتها مثلا ترد فى القرآن الكريم ٤ مرات وكلمة طفل ومشتقاتها المناظرة لها تماما ترد أيضا ٤ مرات ومن ذلك يمكن تفسير قوله تعالى (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٤).
إن المقصود بالنسخ هنا هو أن ما أنزل على نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم صالح لكل زمان
__________________
(١) سورة المائدة الآية ١٣
(٢) سورة النبأ الآيات ٢٤ ـ ٢٦
(٣) سورة النبا الآيات ٣٥ ـ ٣٦
(٤) سورة البقرة الآيات ١٠٥ ـ ١٠٦