وملايين الكرات البيضاء لمهاجمة الميكروبات ، وملايين الصفائح الدموية لمنع النزيف ، (١) وغير ذلك الكثير من آيات الإبداع فى كونه الممتد ، والعوالم التى يدبر أمرها ويرزق أصنافها جميعا ... ، فكن أيها المؤمن كريما وتعلم من صفات الله واعف عمن أساء إليك فربك هو العفو ... ، ولا تحسد ، وتمنى لأخيك ما تحبه لنفسك ، ولو كان عنده ما ليس عندك فلا تتمنى زواله عنه بل تمنى له المزيد ، وتمنى أن يسعد بما عنده ، فسبحان من يطعم وإلا يطعم ، وسبحان من يمنحك الزوجة والولد وليس له زوجة ولا ولد ... ، إن الضمير الذى ارتبط بفطرة الإنسان أزلا يتجلى فى قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا) (٢) هو من أسرار وتوازن الكون ، وهو الذى يكف الظالمين عن ظلمهم ... ، ومن استمع إليه اهتدى ومن لم يستمع إليه ضل سواء السبيل ... ، والله جعل الإيمان غيبا لتظل فى تفكر وذكر طول عمرك ، ولتستحق فضله لأنك سجدت دون أن تراه ، وخشيته بالغيب ، وكان يقينك لمعرفتك بنعمة الظاهرة والباطنة ... ، سبحانه جعل المواد السامة فى النبات بنسب ضئيلة جدا لتفيد الإنسان ولا تصبح سما يقتله كالرصاص فى البصل وغير ذلك الكثير من الأمثلة مع العناصر الأخرى ، فالصوديوم نجد أنه مادة حارقة والكلور مادة سامة واتحادهم يعطى كلوريد الصوديوم وهو ملح الطعام المعروف المفيد واللازم لاحتياجات الإنسان .. ، والأكسجين يساعد على الاشتعال والهيدروجين مادة تشتعل بفرقعة ولا يستطيع الإنسان أن يشرب الهيدروجين وحده أو الأكسجين وحده ، ولكن اجتماعهم يعطى الماء الذى يشربه الإنسان ، وهو رغم ذلك يطفئ النار ، فسبحان العليم الخبير ... ، إن القرآن الكريم ، والمنهج الإسلامى ملئ بألوان الإعجاز البلاغى والعلمى والرياضى ، والنفسى والتشريعى ، فالصلاة تنشط الجسد والزكاة تطهر النفس من البخل ، والحج مؤتمر اجتماعى يتعارف فيه الخلق ، والقصاص رحمة لأن فى إقامته منع حدوث الجرائم ... ، حين بشرت الملائكة إبراهيم
__________________
(١) نفس المرجع السابق.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٧٢.