لكافة عوامل التحلل والفناء (١) ... ، ولقد ضرب الله لنا الأمثلة فى الدنيا التى تثبت لنا بعث الإنسان من تلك الخلية المتجرثمة ولو مر عليها ملايين السنين ، فالبكتريا مثلا حين تتعرض لظروف غير مناسبة كارتفاع درجة الحرارة أو قلة الغذاء أو انخفاض نسبة الرطوبة إلى حد الجفاف أو وجود مواد سامة فى البيئة المحيطة بها ، فتلجأ بعض أنواعها إلى التجرثم وذلك بأن تتخلص من بعض الماء فينكمش البرتوبلازم (Proto plasm) فى حيز أقل مبتعدا عن الجدار الأصلى للخلية ... ، ثم يتكون جدار خلوى آخر سميك حول الكتلة البروتوبلازمية وتبقى الخلية البكتيرية المتجرثمة فى حالة سكون أو كمون داخل غلافها السميك المنيع تقاوم الظروف غير المناسبة لفترات طويلة قد تمتد لعشرات السنين وتستطيع مقاومة درجات الحرارة العالية حتى درجة الغليان ، وفى الظروف المناسبة سرعان ما تمتص الماء من الوسط المحيط بها ، وتنتفخ ممزقة جدارها أو تفرز إنزيما يذيبه وتخرج لتعاود نشاطها من جديد ... ، وهناك بكتريا عادت للحياة بعد تحجرها ٤٠ مليون سنة حيث تم وضعها فى محلول غذائى ، وهناك أنواع من الكائنات المتحوصلة تتحمل درجة حرارة تكفى لصهر الرصاص أو القصدير (٢) ... ، وتتحمل درجات التفريغ والضغط العالى والبرودة الشديدة ، كذلك فإن الفيروسات خارج الخلية الحية التى تهاجمها تكون كالجماد أو كبلورات الملح الصخرية ثم تمارس نشاطها ككائن حى فى الخلية ... ، وبذور النباتات أيضا تظل جافة سنينا طويلة ، ووقت إنباتها حين ينزل المطر تنبت وتشق الأرض ، وكذلك خروج الإنسان ... ، والنبات لكى يخرج وينمو لا بد له من تربة خصبة مفككة ولا بد من الماء ، ودرجة الحرارة المناسبة التى تنبه الخلايا من غفلتها وتمدها بالطاقة اللازمة لنموها ونشاطها وبالفعل فإن الأرض يوم القيامة ستهتز وتزول الجبال وتصير ترابا ، والصخور الصلبة تصير هشة مفككة الحبيبات كالرمال أو الصوف المنفوش ، فسوف تتلاشى قوى التجاذب بين
__________________
(١) أنظر البعث يوم القيامة ـ محمد شكرى حسن ـ دار الشعب.
(٢) نفس المرجع السابق.