من يراهن المشركين لثقته فى نصر الله ، فكان صلىاللهعليهوسلم يطلب من الصحابى أن يمد فى السنين ويزيد فى الرهان ثقة فى وعد الله حتى تحقق الوعد (١) ... ، إن اليقين هو أن تثق فى وعد الله تعالى ، وأنها ستأتى كفلق الصبح ولقد وعد الله تعالى بقتال اليهود وأن الحجر سيدل على اليهودى ليقتله المسلم إلا شجرة الغرقد التى يكثرون زراعتها الآن فلا بد أن نثق فى هذا الوعد كما كان يثق صلىاللهعليهوسلم فى وعد ربه ... ، ولقد أنزل الله تعالى قوله (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) ولم يستطيع أبو لهب أن يكذب الآية ويجمع المشركين ثم يقول لهم أنا أشهد أن لا إله إلا الله ليكذب آية من كتاب الله ، ولكن الله الخبير هو الذى يخبرنا فلا راد لحكمة ولا مغير لقضائه ... ، ولنا مثل فى أم موسى عليهالسلام حيث أوحى الله إليها إن هى خافت على ولدها من قتل فرعون له فعليها أن تلقيه فى اليم بعد إرضاعه ووعدها برده إليها وجعله من المرسلين وتحقق وعد الله تعالى وكتب له النجاة مما نظن نحن أنه هلاك ... ، فهو سبحانه الذى أوقف السكين عن الذبح مع إسماعيل عليهالسلام وأوقف النار عن الحرق مع إبراهيم عليهالسلام ... ، إن المريض يثق فى كلام طبيب الدنيا وينسى أن الله ينزل فى الثلث الآخر من الليل فيقول : " هل من مريض فأشفيه" ... ، والعامل يثق فى وصول الرزق إليه حين يأخذ راتبه ونسى أن الذى صنع له الفم بعد أن كان قطعة اللحم المصمتة ، وجعل له صفين من الأسنان الصلبة ليستطيع مضغ الطعام هو الذى ساق الرزق إليه ، ولن يدخل فمه إلا ما قدر له بأمره ، لذلك قال أحد الرعاة العرب حين نظر إلى قطيعا من الشياه يرعى فى الأرض الخضراء ، فقال من شق هذه الأفواه شقها ليطعمها ... ، لذلك فالذى يحدد النسل ويقول اثنان فقط فهو ضعف يقين برزق ربه الذى يرزق كل البشر وكل الدواب ، يقول تعالى (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها) (٢) ... ، ومن الواقع هناك الكثير من الأمثلة التى نأخذ منها العبرة فى هذا الأمر فهذا مهندس أنجب بنتا فقال لامرأته : عائزين ولد وبعد ذلك لا نريد أولادا ، فحملت زوجته وكان المولود بنتا أيضا فى هذه المرة ، فقال لها :
__________________
(١) ذكر ذلك الشيخ محمد متولى الشعراوى ـ فى تفسيره (وأورده المفسرون كابن كثير فى سبب النزول).
(٢) سورة هود الآية ٦