من أصحاب أمير المؤمنين العارفين ، وروى جماعتهم (١) عن أبي جرير ، عن أبي الفتح المغازلي ـ رحمهما الله ـ ، عن أبي جعفر ميثم التمّار (٢) ، آنس الله به قلوب العارفين ، قال :
«كنتُ بين يدي مولاي أمير النحل ـ جلّت معالمه ، وثبتت كلمته ـ بالكوفة ، وجماعة من وجوه العرب حافّون به كأنّهم الكواكب اللامعة في السماء الصاحية» (٣).
وأنت ترى أنّ الرجل يعدّ مناقب أمير المؤمنين عليه السّلام الخاصّة به ، الشهيرة بين القاصي والداني ، ومنها كونه مولوداً في الحرم ، المراد به البيت خصوصاً ، وإلّا لما كانت خاصّة له ، لأنّ المولودين في حدود الحرم وبين شعاب مكّة وهضابها كثيرون ولا فخر لأحد فيه ، فإنّ الولد لابدّ وأن يولد في مساكن الأبوين ، شريفاً كان المحل أو غير شريف ، نعم إذا جاوزت الولادة في المحال الشريفة حدود العادة عدّت فضيلةً ، كولادة مولانا أمير المؤمنين عليه السّلام في البيت الذي هو محلّ العبادة لا الولادة ، مع ما اكتنفته من الخوارق للعادة المشروحة في هذه الرسالة.
كانت هذه المصارحة من الرجل بمشهدٍ ممّن لاث (٤) بالإمام عليه السّلام من الصحابة وغيرهم ، وكانوا قريبي العهد من الواقعة ، ولعلّ فيهم من شهدها أو شهد من أدركها ، وكلّهم يسمعون كلامه ويعترفون به حتّى تكلم متكلّمهم ـ كما في رواية أسعد ـ مشيراً إليه عليه السّلام : أنّ من تصفه هو هذا.
__________________
(١) يعني أنّ كان شيعته صلوات الله عليه ، لا أنّه من أصحابه المعاصرين له ، من هامش المطبوع.
(٢) إنّما أعدنا الإسناد مرة ثانية للختلاف بين النسختين ، والتصحيف في إحداهما. من هامش المطبوع.
(٣) عيون المعجزات : ٢٥.
(٤) الالتياث : الاختلاط والالتفاف. الصحاح ـ لوث ـ ١ : ٢٩١.