قال : فلمّا اجتمعوا على جبل أبي قبيس ، وهو يرتجّ ارتجاجاً ، ويضطرب اضطراباً ، ، فتساقطت الآلهة على وجهها ، فلمّا نظروا إلى ذلك قالوا ، لا طاقة لنا.
ثمّ صعد أبو طالب الجبل ، وقال لهم : أيّها الناس! اعلموا أنّ الله تعالى عزّوجل ، قد أحدث في هذه الليلة حادثاً ، وخلق فيها خلقاً ، فإن لم تطيعوه وتقرّوا له بالطاعة وتشهدوا له بالإمامة المستحقّة ، وإلّا لم يسكن ما بكم حتّى لا يكون بتهامة سكن.
قالوا : يا أبا طالب! إنّا نقول بمقالتك.
فبكى ورفع يديه وقال : «إلهي وسيّدي! أسألك بالمحمّدية المحمودة ، والعليّة العلويّة ، والفاطميّة البيضاء إلّا تفضّلت على تهامة بالرأفة والرحمة».
قال جابر : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : فوالله الذي خلق الحبّة ، وبرأ النسمة! قد كانت العرب تكتب هذه الكلمات ، فيدعون بها عند شدائدهم في الجاهليّة ، وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها حتّى وُلِدَ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام.
فلمّا كان في الليلة التي ولد فيها عليه السّلام أشرقت الأرض ، وتضاعفت النجوم فأبصرت من ذلك عجباً ، فصاح بعضهم في بعض ، وقالوا : إنّه قد حدث في السماء حادثٌ ألا ترون من إشراق السماء وضياءها وتضاعف النجوم بها؟!
قال : قخرج أبو طالب ، وهو يتخلّل سكك مكّة ومواقعها وأسواقها ، وهو يقول لهم : أيّها الناس! ولد الليلة في الكعبة حجّة الله تعالى ، ووليّ الله.
فبقي الناس يسألونه عن علّة ما يرون من إشراق السماء؟
فقال لهم : أبشروا ، فقد ورد في هذه الليلة وليّ من أولياء الله عزّ وجل يختم به جميع الخير ويذهب به جميع الشرّ ، يتجنّب الشرك والشبهات.
ولم يزل يلزم هذه الألفاظ حتّى أصبح ، فدخل الكعبة ، وهو يقول هذه الأبيات شعراً :
يا ربّ هذا الغسق الدجيِّ |
|
يا ربّ هذا الغسق الدجيِّ |
بيّن لنا من حكمك المقضيِّ |
|
ماذا ترى لي في اسم ذا الصبيِّ |