قال أبو سعيد : فشكا أبو بكر وعمر ـ رحمهما الله ـ إلى النبي صلّى الله عليه وآله عمرو بن العاص ، فقال لهما : لا يتأمّر عليكما أحدٌ بعدي. وهذا توكيد لخلافة أبي بكر وعمر ـ رحمهما الله ـ» (١).
ولست في صدد الخوض في بحوث الخلافة والإمامة ، ومن هو أحقٌ بها من غيره ، أو الو لوج في مدى صحّة حديث «لا يتأمر عليكما أحد بعدي» وعدمه ، فهذا أمر أشبعه علماؤنا بحثاً وتفصيلاً ، ولكن أوردت هذا المثال لبيان تلاعب السكّري في متون الكتب ، وهدفه من ذلك وغايته.
بقول محقّق كتاب المحبّر في كلمة الختام :
«وأظنّ أنّه ـ أي ابن حبيب ـ كان يميل إلى الشيعية ، فإنّه لا يذكر أبداً اُمّ المؤمنين عائشة ، وسيّدنا أبا بكر الصدّيق ، وسيّدنا عمر إلّا بكلمة (رحمه الله) مع أنّه دائماً يذكر أُم المؤمنين خديجة وسيّدنا عليّاً بكلمة رضي الله عنهم أجمعين.
وأيضاً قد أثبت جميع ما يعاب به الرجل في سيّدنا عمر ، مثل أنّه كان أحول (٢).
أو كان قد ضرب ـ قبل أن يسلم ـ جاريته ضرباً مبرّحاً على قبولها الإسلام ، ربّنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا!
فمن أجل ّذلك ، فيما أحسب ، أنّ راويه أبا سعيد السكّري يضيف أحياناً إلى متن الكتاب ما يؤيّد رأي أهل السنة والجماعة في أمر الخلافة» (٣).
وقد تحامل كثيراً على ابن حبيب لوصفه عمر بأنّه أحول ، وهو أمرٌ خلقي وليس عيباً كما ادعى.
__________________
(١) المصدر نفسه : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٢) اُنظر المحبّر : ٣٠٣.
(٣) المصدر نفسه : ٥٠٩.