فأراد أن ينفي هذه الكرامة لعليّ عليه السلام ولم يرض بأن تبقى الرواية «ولادة حكيم» كما رواها غيره وإن كانت أيضاً لا تخلو من الضعف والإرسال ، فأضاف عليها ما سوّلت له نفسه.
وبعد ذكر الحاكم النيسابوري لها قال : وهَمَ مصعب في الحرف الأخير.
وقد يفهم من قول الحاكم هذا : «وهم» أنّ مصعباً أصاب في كلامه الأول حول ولادة حكيم في الكعبة ، إلّا أنّ هذا نفاه الحاكم في كلام آخر له في كفاية الطالب للكنجي الشافعي.
ثمّ راح يعزّز بشكل قاطع ردّه هذا بقوله : فقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة (١).
علماً بأنّ حكيم بن حزام ـ وكما قلنا ـ لم يكن شخصاً مجهولاً في الجاهلية وغير معروف في الإسلام مع هذا لم يذكر هذه الفضيلة لنفسه يوماً ولم تُذكر عنه بل ولم يذكرها أحدٌ له على الإطلاق حتّى رواها كلّ من مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير ومصعب بن عبد الله ، بعد أكثر من ٢٠٠ سنة أي في القرن الثالث الهجري.
إنّ أوّل كتاب ذكرت فيه ولادة حكيم هو (جمهرة النسب) لابن الكلبي ، والكلبي وإن ورد فيه أنّه متروك الحديث ، وأنّه غير ثقة وأنّه يروي العجائب والأخبار التي لا اُصول لها (٢).
إلّا أنّه ورد فيه مجح كثير ، وأن مبعث ما ذكر من مطاعن واتّهامات أنّ الرجل كان شيعيّاً لا غير.
__________________
(١) المستدرك ٣ : ٥٥٠ / ٦٠٤٤ / ١٦٤٢.
(٢) اُنظر سير أعلام النبلاء والأنساب وجمهرة النسب.