أمّا الوليدُ فلاقى الأرض مُبتسماً |
|
فما رغا رَهَباً ما كان خاشيها |
وعام مولده العام الذي بدأت |
|
بشائرُ الوحي تأتي من أعاليها |
فيه الحجارةُ والأشجار قد هتفت |
|
للمُصطفى وهو رائيها وصاغيها |
وإذ دَرَى المصطفى فيه ولادةَ مو |
|
لانا العَليّ غدا بالبُشر يُطريها |
وباتَ مُستبشراً بالطفلِ قال به |
|
لنا من النِعَمِ الزَهراء ضافيها |
ثمّ راح الأنطاكي يقول : «كانت ولادة سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين في العام الثلاثين لولادة المصطفى ـ عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام ـ على ما حقّق المحقّقون ، فتكون ولادته الشريفة حول سنة مائة وواحد مسيحيّة ، ومن بشائر سعده ـ عليه صلوات الله ـ أنّه وُلِدَ في الكعبة كرّمها الله ، ولدته اُمّه فيها فاستبشر بذلك أبوه وعمومته.
وعند ولادته الشريفة ـ والكلام ما زال للناظم الأنطاكي ـ دعته اُمّه : حيدرة : ومعنى هذه الكلمة : الأسد ، فكأنّها أرادت أن تسمّيه باسم أبيها ، فلمّا وقع نظرُ أبيه أبي طالب عليه توسّم بملامحه العلاء ، ودعاه عليّاً. وقد صدّقت الأيّام فراسته ، فكان عليه صلوات الله عليّاً في الدنيا والآخرة.
وعام وُلِدَ سيّدنا أمير المؤمنين ـ عليه صلوات الله ـ هو العام المبارك الذي بدئ فيه برسول الله صلى الله عليه وآله فأخذ يسمعُ الهُتاف من الأحجار والأشجار ومن السماء ، وكشف عن بصره فشاهد أنواراً وأشخاصاً. وفي هذا العام ابتدأ بالتبتّل والانقطاع والعزلة في جبل حِراء ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يتيمّنُ بذلك العام وبولادة سيّدنا عليّ ـ عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام ـ وكان يسمّيه : سنة الخير ، وسنة البركة. وقال المصطفى صلى الله عليه وآله لأهله عندما بلغته بشرى ولادة المرتضى : «لقد وُلِدَ لنا الليلة مولودٌ ، يفتحُ الله علينا به أبواباً كثيراً من النعمة والرحمة». وكان قوله هذا أوّل نُبوّته ، فإنّ المرتضى ـ عليه صلوات الله ـ كان ناصره ، والحامي عنه ، وكاشف الغمّاء عن وجهه ،