السابقة : «ولم يولد في البيت الحرام قبلَه أحد سواه ، وهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له ، وإعلاءً لمرتبته ، وإظهاراً لتكرمته». وقول الدهلوي في (سير الخلفاء) : أنّه «لم يتولّد أحد قبله في حصار البيت». والآلوسي في أوليّات هذه الرسالة : «ولم يشتهر وضعُ غيره كرّم الله وجهه ، كما اشتهر وضعه» يوعز إلى وهن حديث حكيم ، وانحياز الشهرة عنه. وقول الدهلويّ في (إزالة الخفاء) : «ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبلَه ولا بعدَه».
هذه كل مات بعض مهرة الفنّ وأئمّة النقل ، وهنا يقول الشيخ : فلو كان يُقام لولادة حكيم في البيت وزن عند هؤلاء لما أطلقوا القول بملء الأفواه أنّ تلك خاصّة لأمير المؤمنين عليه السلام لا يشاركه فيها أحد ، مع وقوفهم على أمر حكيم ، وفيهم من أورد خبر ولادة حكيم في كتابه لكنّه غير آبهٍ به.
وقفة مع الديار بكري :
ويقرب من هذه الهملجة ما جاء به الديار بري في (تاريخ الخميس) قال : «ولد بمكّة بعد عام الفيل بسبع سنين ، ويقال : كانت ولادته في داخل الكعبة ولم يثبت» (١) ولم يترك الشيخ المؤلّف هذا العزم دون جواب فيقول :
وليت شعري بماذا تثبت الحقائق التاريخية؟ أبالوحي ، أم بأخبار الأنبياء ، وهتاف الكتب السماوية ، أم أنّ المرجع فيها الرجل والرجلان من النَقَلَة والرواة؟ وهل التزم الديار بكري في كتابه بأكثر من هذا؟ فما بال هذه الحقيقة التي هَتَف بها المئات والألوف ، وأثبتتها طبقات الناس جيلاً بعد جيل لم تثبت عنده ، وثبتت لديه هَفوات التاريخ ، التي لو أحصيتها لخرجت عن وضع الرسالة؟
__________________
(١) تاريخ الخميس ٢ : ٣٠٧.