قال : فأخذت فاطمة قماطاً جيّداً ، فشدّته به ، فبتر القماط ، ثمّ جعلته قماطين ، فبترهما ، فجعلته ثلاثة فبترها ، فجعلت أربعة أقمطة من رِقّ مصر لصلابته ، فبترها ، فجعلته خمسة أقمطة ديابج لصلابته ، فبترها كلّها ، فجعلته ستّةً من ديابج وواحداً من الأدم ، فتمطّى فيها ، فقطعها كلّها بإذن الله.
ثمّ قال بعد ذلك : يا اُمّه ، لا تشدّي يدي ، فإنّي أحتاج إلى أن اُبصبص لربّي بإصبعي.
قال : فقال أبو طالب عند ذلك : إنه سيكون له شأن ونبأ.
فلمّا كان من غدٍ دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله على فاطمة ، فلما بصر عليّ عليه السّلام برسول الله صلّى الله عليه وآله ضحك في وجهه ، وأشار إليه أن خُذني إليك ، واسقني ممّا سيقتني بالأمس.
قال : فأخذه رسول الله صلّى الله عليه ، فقالت فاطمة : عرفه وربّ الكعبة.
قال : فلكلام فاطمة سمّي ذلك اليوم يوم عرفة.
فلمّا كان اليوم الثالث ، وكان العاشر من ذي الحجة ، أذّن أبو طالب في الناس أذاناً جامعاً ، وقال : هَلمّوا إلى وليمة ابني عليٍّ.
قال : ونحر ثلاثمائة من الإبل ، وألف رأس من البقر والغنم ، واتخذ وليمةً عظيمةً.
وقال : معاشر الناس ألا مَن أراد من طعام عليًّ ولدي فهلُمّوا ، وطوفوا بالبيت سبعاً ، وادخلوا وسلّموا على ولدي عليًّ ، فإنّ الله شرّفه.
ولفعل أبي طالب شرّف يوم النحر.