وقال العلّامة أبو الفتح محمّد بن عليّ بن عثمان الكراچكي الفقيه المحدّث المتكلّم الثقة ، المتوفّى سنة (٤٤٩ ه) من تلمذة شيخنا المفيد في (كنز الفوائد) بعد أن ذكر أحاديث في مقدّمة الولادة من خبر الكاهن ، ورؤيا فاطمة بنت أسد ، وتعبير الكاهن لها ما لفظه :
«وفي الحديث أنّها ـ يعني فاطمة بنت أسد ـ دخلت الكعبة على ما جرت به عادتها ، فصادفَ دخولها وقت ولادتها ، فولدت أمير المؤمنين عليه السّلام داخلها» (١)
والمتّبع من هذا الحديث ما هو الجامع بينه وبين أحاديث الباب وأقواله من أصل الولادة في البيت ، وأمّا كيفية الدخول فيها فالمعتمد عليه ما أسلفنا لك نبأه من أنّها كانت أمراً من أمر الله ، وعنايةً من عنده خاصّة بأمير المؤمنين عليه السّلام ، خارجةً عن مجاري الطبيعة ومقتضيات الصدف.
ولذلك انشقّ البيت لفاطمة ، ثمّ لمّا دخلته ارتابت الصدعةُ ولم ينفتح قُفل الباب بالرغم من جهدهم الأكيد في فتحه.
وأكلت هي من ثمار الجنّة في جوف البيت ، وكان أمر الولادة ما عرفت.
فخرجت من البيت متبجّحةً بما منحها الله سبحانه.
وهذا هو المناسب لما عرفته من إطباق كلمات العلماء والأئمة ، من أنّ ذلك فضيلةٌ اختصّ اللهُ بها أمير المؤمنين عليه السّلام.
وأيّ فضيلةٍ فر الوقوع صدفة ولا عن قصدٍ كما يقع كثيراً لأفراد من الناس والحيوان من الولادة في محالٍّ شريفةٍ على مجاري العادة ، ولا يعدّ شرفاً وفضيلة لهم ، كما لم تعدّ الولادة في البيت فضيلةٍ لحكيم بن حزام على تقدير صحّة الرواية.
__________________
كنز الفوائد ١ : ٢٥٥.