(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) تصوير لقهره وعلوه بالغلبة والقدرة. (وَهُوَ الْحَكِيمُ) في أمره وتدبيره. (الْخَبِيرُ) بالعباد وخفايا أحوالهم.
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ)(١٩)
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) نزلت حين قالت قريش : يا محمد لقد سألنا عنك اليهود والنصارى ، فزعموا أن ليس لك عندهم ذكر ولا صفة فأرنا من يشهد لك أنك رسول الله. والشيء يقع على كل موجود ، وقد سبق القول فيه في سورة «البقرة». (قُلِ اللهُ) أي الله أكبر شهادة ثم ابتدأ (شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي هو شهيد بيني وبينكم ، ويجوز أن يكون الله شهيد هو الجواب لأنه سبحانه وتعالى إذا كان الشهيد كان أكبر شيء شهادة. (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ) أي بالقرآن ، واكتفى بذكر الإنذار عن ذكر البشارة. (وَمَنْ بَلَغَ) عطف على ضمير المخاطبين ، أي لأنذركم به يا أهل مكة وسائر من بلغه من الأسود والأحمر ، أو من الثقلين ، أو لأنذركم به أيها الموجودون ومن بلغه إلى يوم القيامة ، وفيه دليل على أن أحكام القرآن تعم الموجودين وقت نزوله ومن بعدهم ، وأنه لا يؤاخذ بها من لم تبلغه. (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) تقرير لهم مع إنكار واستبعاد. (قُلْ لا أَشْهَدُ) بما تشهدون. (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) أي بل أشهد أن لا إله إلا هو. (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) يعني الأصنام.
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)(٢١)
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) يعرفون رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحليته المذكورة في التوراة والإنجيل. (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) بحلاهم. (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) من أهل الكتاب والمشركين. (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) لتضييعهم ما به يكتسب الإيمان.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) كقولهم : الملائكة بنات الله ، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله. (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) كأن كذبوا بالقرآن والمعجزات وسموها سحرا. وإنما ذكر (أو) وهم وقد جمعوا بين الأمرين تنبيها على أن كلا منهما وحده بالغ غاية الإفراط في الظلم على النفس. (إِنَّهُ) الضمير للشأن. (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) فضلا عمن لا أحد أظلم منه.
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(٢٣)
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً) منصوب بمضمر تهويلا للأمر. (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله ، وقرأ يعقوب «يحشرهم» ويقول بالياء. (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي تزعمونهم شركاء ، فحذف المفعولان والمراد من الاستفهام التوبيخ ، ولعله يحال بينهم وبين آلهتهم حينئذ ليفقدوها في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيها ، ويحتمل أن يشاهدوهم ولكن لما لم ينفعوهم فكأنهم غيب عنهم.
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا) أي كفرهم ، والمراد عاقبته وقيل معذرتهم التي يتوهمون أن يتخلصوا بها ، من فتنت الذهب إذا خلصته. وقيل جوابهم وإنما سماه فتنة لأنه كذب ، أو لأنهم قصدوا به الخلاص. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحفص عن عاصم لم تكن بالتاء و (فِتْنَتُهُمْ) بالرفع على أنها الاسم ، ونافع وأبو