كَسَبُوا) أي سلموا إلى العذاب بسبب أعمالهم القبيحة وعقائدهم الزائغة. (لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) تأكيد وتفصيل لذلك ، والمعنى هم بين ماء مغلي يتجرجر في بطونهم ونار تشتعل بأبدانهم بسبب كفرهم.
(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ)(٧١)
(قُلْ أَنَدْعُوا) أنعبد (مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) ما لا يقدر على نفعنا وضرنا. (وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا) ونرجع إلى الشرك (بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ) فأنقذنا منه ورزقنا الإسلام. (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ) كالذي ذهبت به مردة الجن في المهامة ، استفعال من هوى يهوي هويّا إذا ذهب. وقرأ حمزة «استهواه» بألف ممالة ومحل الكاف النصب على الحال من فاعل (نُرَدُّ) أي : مشبهين الذي استهوته ، أو على المصدر أي ردا مثل رد الذي استهوته. (فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ) متحيرا ضالا عن الطريق. (لَهُ أَصْحابٌ) لهذا المستهوى رفقة. (يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى) إلى أن يهدوه الطريق المستقيم ، أو إلى الطريق المستقيم وسماه هدى تسمية للمفعول بالمصدر. (ائْتِنا) يقولون له ائتنا. (قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ) الذي هو الإسلام. (هُوَ الْهُدى) وحده وما عداه ضلال. (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) من جملة المقول عطف على أن هدى الله ، واللام لتعليل الأمر أي أمرنا بذلك لنسلم. وقيل هي بمعنى الباء وقيل هي زائدة.
(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)(٧٢)
(وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ) عطف على لنسلم أي للإسلام ولإقامة الصلاة ، أو على موقعه كأنه قيل : وأمرنا أن نسلم وأن أقيموا الصلاة. روي : أن عبد الرحمن بن أبي بكر دعا أباه إلى عبادة الأوثان ، فنزلت. وعلى هذا كان أمر الرسول صلىاللهعليهوسلم بهذا القول إجابة عن الصديق رضي الله تعالى عنه تعظيما لشأنه وإظهارا للاتحاد الذي كان بينهما. (وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) يوم القيامة.
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)(٧٣)
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) قائما بالحق والحكمة. (وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُ) جملة اسمية قدم فيها الخبر أي قوله الحق يوم يقول ، كقولك : القتال يوم الجمعة ، والمعنى أنه الخالق للسموات والأرضين ، وقوله الحق نافذ في الكائنات. وقيل يوم منصوب بالعطف على السموات أو الهاء في واتقوه ، أو بمحذوف دل عليه بالحق. وقوله الحق مبتدأ وخبر أو فاعل يكون على معنى وحين يقول لقوله الحق أي لقضائه كن فيكون ، والمراد به حين يكوّن الأشياء ويحدثها أو حين تقوم القيامة فيكون التكوين حشر الأموات وإحياءها. (وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) كقوله سبحانه وتعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ). (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أي هو عالم الغيب. (وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) كالفذلكة للآية.
(وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٧٤) وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(٧٥)